رأيت كليهما ومررت بكليهما، كما تقول عليهما. وقال الفراء: هو مثنى، وهو مأخوذ من كل فخففت اللام وزيدت الألف للتثنية. وكذلك كلتا للمؤنث، ولا يكونان إلا مضافين ولا يتكلم بواحد، ولو تكلم به لقيل: كل وكلت وكلان وكلتان. واحتج بقول الشاعر:
في كلت رجليها سلامي (1) واحده * كلتاهما مقرونة بزائده أراد في إحدى رجليها فأفرد. وهذا القول ضعيف عند أهل البصرة، لأنه لو كان مثنى لوجب أن تكون ألفه في النصب والجر ياء مع الاسم الظاهر، ولأن معنى " كلا " مخالف لمعنى " كل " لان " كلا " للإحاطة و " كلا " يدل على شئ مخصوص، وأما هذا الشاعر فإنما حذف الألف للضرورة وقدر أنها زائدة، وما يكون ضرورة لا يجوز أن يجعل حجة، فثبت أنه اسم مفرد كمعى، إلا أنه وضع ليدل على التثنية، كما أن قولهم " نحن " اسم مفرد يدل على اثنين فما فوقهما، يدل على ذلك قول جرير:
كلا يومى أمامة يوم صد * وإن لم نأتها إلا لماما فأخبر عن " كلا " بيوم مفرد، كما أفرد الخبر بقوله " آتت " ولو كان مثنى لقال آتتا، ويوما.
واختلف أيضا في الف " كلتا "، فقال سيبويه: ألف " وكلتا " للتأنيث والتاء بدل من لام الفعل وهي واو والأصل كلوا، وإنما أبدلت تاء لان في التاء علم التأنيث، والألف " في " كلتا " قد تصير ياء مع المضمر فتخرج عن علم التأنيث، فصار في إبدال الواو تاء تأكيد للتأنيث.
وقال أبو عمر الجرمي: التاء ملحقة والألف لام الفعل، وتقديرها عنده: فعتل، ولو كان الامر على ما زعم، لقالوا في النسبة إليها كلتوي، فلما قالوا كلوي وأسقطوا التاء دل على أنهم أجروها مجرى التاء في أخت إذا نسبت إليها قلت أخوى، ذكره الجوهري. قال أبو جعفر النحاس:
وأجاز النحويون في غير القرآن الحمل على المعنى، وأن تقول: كلتا الجنتين آتتا أكلهما، لان المعنى المختار (3) كلتاهما آتتا. وأجاز الفراء: كلتا الجنتين آتي أكله، قال: لان المعنى كل