حيث يبلغ الوضوء). قال القاضي عياض: والناس مجمعون على خلاف هذا، وألا يتعدى بالوضوء حدوده، لقوله عليه السلام: (فمن زاد فقد تعدى وظلم). وقال غيره: كان هذا الفعل مذهبا له ومما انفرد به، ولم يحكه عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما استنبطه من قوله عليه السلام: (أنتم الغر (1) المحجلون) ومن قوله: (تبلغ الحلية) كما ذكر.
السابعة - قوله تعالى: " وامسحوا برءوسكم " تقدم في " النساء " (2) أن المسح لفظ مشترك. وأما الرأس فهو عبارة عن الجملة التي يعلمها الناس ضرورة ومنها الوجه، فلما ذكره الله عز وجل في الوضوء وعين الوجه للغسل بقي باقيه للمسح، ولو لم يذكر الغسل للزم مسح جميعه، ما عليه شعر من الرأس وما فيه العينان والأنف والفم، وقد أشار مالك في وجوب مسح الرأس إلى ما ذكرناه، فإنه سئل عن الذي يترك بعض رأسه في الوضوء فقال: أرأيت إن ترك غسل بعض وجهه أكان يجزئه؟ ووضح بهذا الذي ذكرناه أن الاذنين من الرأس، وأن حكمهما حكم الرأس خلافا للزهري حيث قال: هما من الوجه يغسلان معه، وخلافا للشعبي، حيث قال: ما أقبل منهما من الوجه وظاهرهما من الرأس، وهو قول الحسن وإسحق، وحكاه ابن أبي هريرة عن الشافعي، وسيأتي بيان حجتهما، وإنما سمي الرأس رأسا لعلوه ونبات الشعر فيه، ومنه رأس الجبل، وإنما قلنا إن الرأس اسم لجملة أعضاء لقول الشاعر:
إذا احتملوا رأسي وفي الرأس أكثري * وغودر عند الملتقى ثم سائري الثامنة - واختلف العلماء في تقدير مسحه على أحد عشر قولا، ثلاثة لأبي حنيفة، وقولان للشافعي، وستة أقوال لعلمائنا، والصحيح منها واحد وهو وجوب التعميم لما ذكرناه. وأجمع العلماء على أن من مسح رأسه كله فقد أحسن وفعل ما يلزمه، والباء مؤكدة زائدة ليست للتبعيض: والمعنى وامسحوا رءوسكم. وقيل: دخولها حسن كدخولها في التيمم