الفرض الواجب من غيره، والله أعلم. احتج من قال: هما من الوجه بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في سجوده: (سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره) فأضاف السمع إلى الوجه فثبت أن يكون لهما حكم الوجه. وفى مصنف أبي داود من حديث عثمان: فغسل بطونهما وظهورهما مرة واحدة، ثم غسل رجليه ثم قال: أين السائلون عن الوضوء؟ هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ. احتج من قال:
يغسل ظاهرهما مع الوجه، وباطنها يمسح مع الرأس بأن الله عز وجل قد أمر بغسل الوجه وأمر بمسح الرأس، فما واجهك من الاذنين وجب غسله، لأنه من الوجه وما لم يواجهك وجب مسحه لأنه من الرأس، وهذا ترده الآثار بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسح ظاهر أذنيه وباطنهما من حديث علي وعثمان وابن عباس والربيع وغيرهم. احتج من قال: هما من الرأس بقوله صلى الله عليه وسلم من حديث الصنابحي: (فإذا مسح رأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج أذنيه) الحديث أخرجه مالك.
الثالثة عشرة - قوله تعالى: " وأرجلكم " قرأ نافع وابن عامر والكسائي " وأرجلكم " بالنصب، وروى الوليد بن مسلم عن نافع أنه قرأ " وأرجلكم " بالرفع وهي قراءة الحسن والأعمش سليمان، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة " وأرجلكم " بالخفض وبحسب هذه القراءات اختلف الصحابة والتابعون، فمن قرأ بالنصب جعل العامل " اغسلوا " وبنى على أن الفرض في الرجلين الغسل دون المسح، وهذا مذهب الجمهور والكافة من العلماء، وهو الثابت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، واللازم من قوله في غير ما حديث، وقد رأى قوما يتوضئون وأعقابهم تلوح فنادى بأعلى صوته (ويل للأعقاب من النار أسبغوا الوضوء). ثم إن الله حدهما فقال: " إلى الكعبين " كما قال في اليدين " إلى المرافق " فدل على وجوب غسلهما، والله أعلم. ومن قرأ بالخفض جعل العامل الباء، قال ابن العربي: اتفقت العلماء على وجوب غسلهما، وما علمت من رد ذلك سوى الطبري من فقهاء المسلمين، والرافضة من غيرهم، وتعلق الطبري بقراءة الخفض.