الطيبات أبيحت للمسلمين قبل نزول هذه الآية، فهذا جواب سؤالهم إذ قالوا: ماذا أحل لنا؟.
وقيل: أشار بذكر اليوم إلى وقت محمد صلى الله عليه وسلم كما يقال: هذه أيام فلان، أي هذا أوان ظهوركم وشيوع الاسلام، فقد أكملت بهذا دينكم، وأحللت لكم الطيبات. وقد تقدم ذكر الطيبات في الآية قبل هذا.
الثانية - قوله تعالى: (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم) ابتداء وخبر.
والطعام اسم لما يؤكل والذبائح منه، وهو هنا خاص بالذبائح عند كثير من أهل العلم بالتأويل.
وأما ما حرم علينا من طعامهم فليس بداخل تحت عموم الخطاب، قال ابن عباس قال الله تعالى: " ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه " (1) [الانعام: 121]، ثم استثنى فقال: " وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم " يعني ذبيحة اليهودي والنصراني، وإن كان النصراني يقول عند الذبح: باسم المسيح واليهودي يقول: باسم عزير، وذلك لأنهم يذبحون على الملة. وقال عطاء: كل من ذبيحة النصراني وإن قال باسم المسيح، لان الله عز وجل قد أباح ذبائحهم، وقد علم ما يقولون.
وقال القاسم بن مخيمرة: كل من ذبيحته وإن قال باسم سرجس (2) - اسم كنيسة لهم - وهو قول الزهري وربيعة والشعبي ومكحول، وروي عن صحابيين: عن أبي الدرداء وعبادة ابن الصامت. وقالت طائفة: إذا سمعت الكتابي يسمي غير اسم الله عز وجل فلا تأكل، وقال بهذا من الصحابة علي وعائشة وابن عمر، وهو قول طاوس والحسن متمسكين بقوله تعالى:
" ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق " [الانعام: 121]. وقال مالك: أكره ذلك، ولم يحرمه.
قلت: العجب من الكيا الطبري الذي حكى الاتفاق على جواز ذبيحة أهل الكتاب، ثم أخذ يستدل بذلك على أن التسمية على الذبيحة ليست بشرط فقال: ولا شك أنهم لا يسمون على الذبيحة إلا الاله الذي ليس معبودا حقيقة مثل المسيح وعزير، ولو سموا الاله حقيقة لم تكن تسميتهم على طريق العبادة، وإنما كان على طريق آخر، واشتراط التسمية لا على وجه العبادة لا يعقل، ووجود التسمية من الكافر وعدمها بمثابة واحدة، إذا لم تتصور منه العبادة، ولأن النصراني إنما يذبح على اسم المسيح، وقد حكم الله بحل ذبائحهم مطلقا، وفي ذلك دليل على أن