بذلك والحرج به، قال ابن العربي: ولذلك كان عبد الله بن عمر لما عمي يغسل عينيه إذ كان لا يتأذى بذلك، وإذا تقرر هذا من حكم الوجه فلا بد من غسل جزء من الرأس مع الوجه من غير تحديد، كما لا بد على القول بوجوب عموم الرأس من مسح جزء معه من الوجه لا يتقدر، وهذا ينبني على أصل من أصول الفقه وهو: " أن ما لا يتم الواجب إلا به واجب مثله " والله أعلم.
الرابعة - وجمهور العلماء على أن الوضوء لا بد فيه من نية، لقوله عليه السلام:
(إنما الأعمال بالنيات). قال البخاري: فدخل فيه الايمان والوضوء والصلاة والزكاة والحج والصوم والاحكام، وقال الله تعالى: " قل كل يعمل على شاكلته " (1) [الاسراء: 84]، يعني على نيته. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ولكن جهاد ونية). وقال كثير من الشافعية: لا حاجة إلى نية، وهو قول الحنفية، قالوا: لا تجب النية إلا في الفروض التي هي مقصودة لأعيانها ولم تجعل سببا لغيرها، فأما ما كان شرطا لصحة فعل آخر فليس يجب ذلك فيه بنفس ورود الامر إلا بدلالة تقارنه، والطهارة شرط، فإن من لا صلاة عليه لا يجب عليه فرض الطهارة، كالحائض والنفساء. احتج علماؤنا وبعض الشافعية بقوله تعالى: " إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم " فلما وجب فعل الغسل كانت النية شرطا في صحة الفعل، أن الفرض من قبل الله تعالى فينبغي أن يجب فعل ما أمر الله به، فإذا قلنا: إن النية لا تجب عليه لم يجب عليه القصد إلى فعل ما أمره الله تعالى، ومعلوم أن الذي اغتسل تبردا أو لغرض ما، قصد أداء الواجب، وصح في الحديث أن الوضوء يكفر، فلو صح بغير نية لما كفر. وقال تعالى:
" وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين " (2) [البينة: 5].
الخامسة - قال ابن العربي قال بعض علمائنا: إن من خرج إلى النهر بنية الغسل أجزأه، وإن عزبت نيته في الطريق [ولو خرج إلى الحمام فعزبت في أثناء الطريق] (3) بطلت النية. قال القاضي أبو بكر بن العربي رضي الله عنه: فركب على هذا سفاسفة المفتين أن نية الصلاة تتخرج على القولين، وأوردوا فيها نصا عمن لا يفرق بين الظن واليقين بأنه قال: