الثالثة عشرة - اختلف مالك والشافعي من هذا الباب في قدر المال الذي يحلف به في مقطع الحق، فقال مالك: لا تكون اليمين في مقطع الحق في أقل من ثلاثة دراهم قياسا على القطع، وكل مال تقطع فيه اليد وتسقط به حرمة العضو فهو عظيم. وقال الشافعي:
لا تكون اليمين في ذلك في أقل من عشرين دينارا قياسا على الزكاة، وكذلك عند منبر كل مسجد.
الرابعة عشرة - قوله تعالى: (فيقسمان بالله) الفاء في " فيقسمان " عاطفة جملة على جملة، أو جواب جزاء، لان " تحبسونها " معناه احبسوهما، أي لليمين، فهو جواب الامر الذي دل عليه الكلام كأنه قال: إذا حبستموهما أقسما، قال ذو الرمة:
وإنسان عيني يحسر الماء مرة * فيبدو وتارات يجم (1) فيغرق تقديره عندهم: إذا حسر بدا.
الخامسة عشرة - واختلف من المراد بقوله: " فيقسمان "؟ فقيل: الوصيان إذا ارتيب في قولهما وقيل: الشاهدان إذا لم يكونا عدلين وارتاب بقولهما الحاكم حلفهما. قال ابن العربي مبطلا لهذا القول: والذي سمعت - وهو بدعة - عن ابن أبي ليلى أنه يحلف الطالب مع شاهديه أن الذي شهدا به حق، وحينئذ يقضى له بالحق، وتأويل هذا عندي إذا ارتاب الحاكم بالقبض فيحلف إنه لباق، وأما غير ذلك فلا يلتفت إليه، هذا في المدعي فكيف يحبس الشاهد أو يحلف؟! هذا ما لا يلتفت إليه.
قلت: وقد تقدم من قول الطبري في أنه لا يعلم لله حكم يجب فيه على الشاهد يمين.
وقد قيل: إنما استحلف الشاهدان لأنهما صارا مدعى عليهما، حيث ادعى الورثة أنهما خانا في المال.
السادسة عشرة - قوله تعالى (إن ارتبتم) شرط لا يتوجه تحليف الشاهدين إلا به، ومتى لم يقع ريب ولا اختلاف فلا يمين. قال ابن عطية: أما أنه يظهر من حكم أبي موسى