الموفية ثلاثين - قوله تعالى: " أهليكم " هو جمع أهل على السلامة. وقرأ جعفر ابن محمد الصادق: (أهاليكم) وهذا جمع مكسر، قال أبو الفتح: أهال بمنزلة ليال واحدها أهلات وليلات، والعرب تقول: أهل وأهلة. قال الشاعر: (1) وأهلة ود قد تبريت ودهم * وأبليتهم في الجهد حمدي ونائلي يقول: تعرضت لودهم، قاله ابن السكيت.
الحادية والثلاثون - قوله تعالى: (أو كسوتهم) قرئ بكسر الكاف وضمها هما لغتان مثل إسوة وأسوة. وقرأ سعيد بن جبير ومحمد بن السميقع اليماني: (أو كإسوتهم) يعني كإسوة أهلك. والكسوة في حق الرجال الثوب الواحد الساتر لجميع الجسد، فأما في حق النساء فأقل ما يجزئهن فيه الصلاة، وهو الدرع والخمار، وهكذا حكم الصغار. قال ابن القاسم في (العتبية): تكسى الصغيرة كسوة كبيرة، والصغير كسوة كبير، قياسا على الطعام. وقال الشافعي وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي: أقل ما يقع عليه الاسم وذلك ثوب واحد، وفي رواية أبي الفرج عن مالك، وبه قال إبراهيم النخعي ومغيرة: ما يستر جميع البدن، بناء على أن الصلاة لا تجزئ في أقل من ذلك. وروي عن سلمان رضي الله عنه أنه قال: نعم الثوب التبان (2)، أسنده الطبري. وقال الحكم بن عتيبة تجزئ عمامة يلف بها رأسه، وهو قول الثوري. قال ابن العربي: وما كان أحرصني على أن يقال: إنه لا يجزئ إلا كسوة تستر عن أذى الحر والبرد كما أن عليه طعاما يشبعه من الجوع فأقول به، وأما القول بمئزر واحد فلا أدريه، والله يفتح لي ولكم في المعرفة بعونه.
قلت: قد راعى قوم معهود الزي والكسوة المتعارفة، فقال بعضهم: لا يجزئ الثوب الواحد إلا إذا كان جامعا مما قد يتزيا (3) به كالكساء والملحفة. وقال أبو حنيفة وأصحابه:
الكسوة في كفارة اليمين لكل مسكين ثوب وإزار، أو رداء أو قميص أو قباء أو كساء.