الثامنة عشرة - الاستثناء إنما يرفع اليمين بالله تعالى إذ هي رخصة من الله تعالى، ولا خلاف في هذا. واختلفوا في الاستثناء في اليمين بغير الله، فقال الشافعي وأبو حنيفة: الاستثناء يقع في كل يمين كالطلاق والعتاق وغير ذلك كاليمين بالله تعالى - قال أبو عمر: ما أجمعوا عليه فهو الحق، وإنما ورد التوقيف بالاستثناء في اليمين بالله عز وجل لا في غير ذلك.
التاسعة عشرة - قوله تعالى: (فكفارته) اختلف العلماء في تقديم الكفارة على الحنث هل تجزئ أم لا؟ - بعد إجماعهم على أن الحنث قبل الكفارة مباح حسن وهو عندهم أولى - على ثلاثة أقوال: أحدها: يجزئ مطلقا وهو مذهب أربعة عشر من الصحابة وجمهور الفقهاء وهو مشهور مذهب مالك. وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا يجزئ بوجه، وهي رواية أشهب عن مالك، وجه الجواز ما رواه أبو موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وإني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير) خرجه أبو داود، ومن جهة المعنى أن اليمين سبب الكفارة، لقوله تعالى: " ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم " فأضاف الكفارة إلى اليمين والمعاني تضاف إلى أسبابها، وأيضا فإن الكفارة بدل عن البر فيجوز تقديمها قبل الحنث. ووجه المنع ما رواه مسلم عن عدي بن حاتم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [من حلف على يمين ثم رأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير) زاد النسائي (وليكفر عن يمينه] ومن جهة المعنى أن الكفارة إنما هي لرفع الاثم، وما لم يحنث لم يكن هناك ما يرفع فلا معنى لفعلها، وكان معنى قوله تعالى: " إذا حلفتم " أي إذا حلفتم وحنثتم. وأيضا فإن كل عبادة فعلت قبل وجوبها لم تصح اعتبارا بالصلوات وسائر العبادات. وقال الشافعي: تجزئ بالاطعام والعتق والكسوة، ولا تجزئ بالصوم، لان عمل البدن لا يقوم قبل وقته. ويجزئ في غير ذلك تقديم الكفارة، وهو القول الثالث.
الموفية عشرين - ذكر الله سبحانه في الكفارة الخلال الثلاث فخير فيها، وعقب عند عدمها بالصيام، وبدأ بالطعام لأنه كان الأفضل في بلاد الحجاز لغلبة الحاجة إليه وعدم شبعهم،