وتقدم اشتقاقها (1). وأما " الميسر " فقد مضى في " البقرة " (1) القول فيه. وأما الأنصاب فقيل: هي الأصنام. وقيل: هي النرد والشطرنج، ويأتي بيانهما في سورة " يونس " عند قوله تعالى: " فماذا بعد الحق إلا الضلال " [يونس: 32] (2). وأما الأزلام فهي القداح، وقد مضى في أول السورة القول فيها. ويقال كانت في البيت عند سدنة البيت وخدام الأصنام، يأتي الرجل إذا أراد حاجة فيقبض منها شيئا، فإن كان عليه أمرني ربي خرج إلى حاجته على ما أحب أو كره.
الثانية - تحريم الخمر كان بتدريج ونوازل كثيرة، فإنهم كانوا مولعين بشربها، وأول ما نزل في شأنها " يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس " (1) [البقرة: 219] أي في تجارتهم، فلما نزلت هذه الآية تركها بعض الناس وقالوا: لا حاجة لنا فيما فيه إثم كبير، ولم يتركها بعض الناس وقالوا: نأخذ منفعتها ونترك إثمها فنزلت هذه الآية " لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى " [النساء: 43] (3) فتركها بعض الناس وقالوا: لا حاجة لنا فيما يشغلنا عن الصلاة، وشربها بعض الناس في غير أوقات الصلاة حتى نزلت: " يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس " الآية - فصارت حراما عليهم حتى صار يقول بعضهم: ما حرم الله شيئا أشد من الخمر.
وقال أبو ميسرة: نزلت بسبب عمر بن الخطاب، فإنه ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم عيوب الخمر، وما ينزل بالناس من أجلها، ودعا الله في تحريمها وقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت هذه الآيات، فقال عمر: انتهينا انتهينا. وقد مضى في " البقرة " (1) و " النساء " (3).
وروى أبو داود عن ابن عباس قال: " يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى " [النساء: 43]، و " يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس " [البقرة: 219] نسختها التي في المائدة " إنما الخمر والميسر والأنصاب ". وفي صحيح مسلم عن سعد بن أبي وقاص أنه قال: نزلت في آيات من القرآن، وفيه قال: وأتيت على نفر من الأنصار، فقالوا: تعال نطعمك ونسقيك خمرا،