من المفسرين: هو دعاء عليهم. أي قل يا محمد أدام الله غيظكم إلى أن تموتوا. فعلى هذا يتجه أن يدعو عليهم بهذا مواجهة وغير مواجهة بخلاف اللعنة.
الثاني: أن المعنى أخبرهم أنهم لا يدركون ما يؤملون، فإن الموت دون ذلك. فعلى هذا المعنى زال معنى الدعاء وبقي معنى التقريع والإغاظة. ويجري (1) هذا المعنى مع قول مسافر ابن أبي عمرو:
ويتمنى (2) في أرومتنا * ونفقا عين من حسدا وينظر إلى هذا المعنى قوله تعالى: " من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع " [الحج: 15] (3).
قوله تعالى إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعلمون محيط (120) قوله تعالى: " إن تمسسكم حسنة تسؤهم " قرأ السلمي بالياء والباقون بالتاء. واللفظ عام في كل ما يحسن ويسوء. وما ذكره المفسرون من الخصب والجدب واجتماع المؤمنين ودخول الفرقة بينهم إلى غير ذلك من الأقوال أمثلة وليس باختلاف. والمعنى في الآية: أن من كانت هذه صفته من شدة العداوة والحقد والفرح بنزول الشدائد على (4) المؤمنين، لم يكن أهلا لان يتخذ بطانة، لا سيما في هذا الامر الجسيم من الجهاد الذي هو ملاك الدنيا والآخرة، ولقد أحسن القائل في قوله:
كل العداوة قد ترجى إفاقتها * إلا عداوة من عاداك من حسد (وإن تصبروا) أي على أذاهم وعلى الطاعة وموالاة المؤمنين (وتتقوا لا يضركم (5) كيدهم شيئا).
يقال: ضاره يضوره ويضيره ضيرا وضورا، فشرط تعالى نفي ضررهم بالصبر والتقوى، فكان ذلك تسلية للمؤمنين وتقوية لنفوسهم.