والطير يذكر ويؤنث. (فأنفخ فيه) أي في الواحد منه أو منها أو في الطين فيكون طائرا.
وطائر وطير مثل تاجر وتجر. قال وهب: كان يطير ما دام الناس ينظرون إليه فإذا غاب عن أعينهم سقط ميتا ليتميز فعل الخلق من فعل الله تعالى. وقيل: لم يخلق غير الخفاش لأنه أكمل الطير خلقا ليكون أبلغ في القدرة لان لها ثديا وأسنانا وأذنا، وهي تحيض وتطهر وتلد.
ويقال: إنما طلبوا خلق خفاش لأنه أعجب من سائر الخلق، ومن عجائبه أنه لحم ودم يطير بغير ريش ويلد كما يلد الحيوان ولا يبيض كما يبيض سائر الطيور، فيكون له الضرع يخرج منه اللبن، ولا يبصر في ضوء النهار ولا في ظلمة الليل، وإنما يرى في ساعتين: بعد غروب الشمس ساعة وبعد طلوع الفجر ساعة قبل أن يسفر جدا، ويضحك كما يضحك الانسان، ويحيض كما تحيض المرأة. ويقال: إن سؤالهم كان له على وجه التعنت فقالوا: أخلق لنا خفاشا واجعل فيه روحا إن كنت صادقا في مقالتك، فأخذ طينا وجعل منه خفاشا ثم نفخ فيه فإذا هو يطير بين السماء والأرض، وكان تسوية الطين والنفخ من عيسى والخلق من الله، كما أن النفخ من جبريل والخلق من الله.
وقوله تعالى: (وأبرى الأكمة والأبرص وأحيى الموتى بإذن الله) الأكمة: الذي يولد أعمى، عن ابن عباس. وكذا قال أبو عبيدة قال: هو الذي يولد أعمى، وأنشد لرؤبة:
* فارتد ارتداد الأكمه * وقال ابن فارس: الكمه العمى يولد به الانسان وقد يعرض. قال سويد:
* كمهت عيناه حتى ابيضتا مجاهد: هو الذي يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل. عكرمة: هو الأعمش، ولكنه في اللغة العمى، يقال كمه يكمه كمها وكمهتها أنا إذا أعميتها. والبرص معروف وهو بياض يعتري الجلد، والأبرص القمر، وسام أبرص معروف، ويجمع على الأبارص. وخص هذان بالذكر لأنهما عياءان. وكان الغالب على زمن عيسى عليه السلام الطب فأراهم الله المعجزة من جنس ذلك (وأحيي الموتى بإذن الله) قيل: أحيا أربعة أنفس: العاذر: وكان صديقا له، وابن العجوز