صلى الله عليه وسلم (وأنه سيظهر على الأرض كلها إلا الحرم وبيت المقدس وأنه يحصر المؤمنين في بيت المقدس). وذكر الحديث. وفي صحيح مسلم: (فبينا هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن، مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين (1) واضعا كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه جمان (2) كاللؤلؤ فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله) (3) الحديث (4) بطوله.
وقد قيل: إن المسيح اسم لعيسى غير مشتق سماه الله به. فعلى هذا يكون عيسى بدلا من المسيح من البدل الذي هو هو. وعيسى اسم أعجمي فلذلك لم ينصرف وإن جعلته عربيا لم ينصرف في معرفة ولا نكرة، لان فيه ألف. تأنيث. ويكون مشتقا من عاسه يعوسه إذا ساسه وقام عليه. (وجيها) أي شريفا ذا جاه وقدر، وانتصب على الحال، قاله الأخفش.
(ومن المقربين) عند الله تعالى وهو معطوف على " وجيها " أي ومقربا، قاله الأخفش.
وجمع وجيه وجهاء ووجهاء. (ويكلم الناس) عطف على " وجيها " قاله الأخفش أيضا.
و (المهد) مضجع الصبي في رضاعه. ومهدت الامر هيأته ووطأته. وفي التنزيل " فلأنفسهم يمهدون " [الروم: 44] (5). وامتهد الشئ ارتفع كما يمتهد سنام البعير. (وكهلا) الكهل بين حال الغلومة وحال الشيخوخة. وامرأة كهلة. واكتهلت الروضة إذا عمها النور. يقول:
يكلم الناس في المهد آية، ويكلمهم كهلا بالوحي والرسالة. وقال أبو العباس: كلمهم في المهد حين برأ أمه فقال: " إني عبد الله " [مريم: 30] (6) الآية. وأما كلامه وهو كهل فإذا أنزل الله تعالى [من السماء] (7) أنزله على صورة ابن ثلاث وثلاثين سنة وهو الكهل فيقول لهم: " إني عبد الله " كما قال في المهد.
فهاتان آيتان وحجتان. قال المهدوي: وفائدة الآية أنه أعلمهم أن عيسى عليه السلام يكلمهم في المهد ويعيش إلى أن يكلمهم كهلا، إذ كانت العادة أن من تكلم في المهد لم يعش.