الثالثة - فأما غسله فهو سنة لجميع المسلمين حاشا الشهيد على ما تقدم. وقيل: غسله واجب. قاله القاضي عبد الوهاب. والأول: مذهب الكتاب (1)، وعلى هذين القولين العلماء.
وسبب الخلاف قوله عليه السلام لام عطية في غسلها ابنته زينب، على ما في كتاب مسلم.
وقيل: هي أم كلثوم، على ما في كتاب أبي داود: (اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك) الحديث. وهو الأصل عند العلماء في غسل الموتى. فقيل: المراد بهذا الامر بيان حكم الغسل فيكون واجبا. وقيل: المقصود منه تعليم كيفية الغسل فلا يكون فيه ما يدل على الوجوب. قالوا ويدل عليه قوله: (إن رأيتن ذلك) وهذا يقتضي إخراج ظاهر الامر عن الوجوب، لأنه فوضه إلى نظرهن. قيل لهم: هذا فيه بعد، لان ردك (إن رأيتن) إلى الامر، ليس السابق إلى الفهم بل السابق رجوع هذا الشرط إلى أقرب مذكور، وهو (أكثر من ذلك) أو إلى التخيير في الاعداد. وعلى الجملة فلا خلاف في أن غسل الميت مشروع معمول به في الشريعة لا يترك. وصفته كصفة غسل الجنابة على ما هو معروف. ولا يجاوز السبع غسلات في غسل الميت بإجماع، على ما حكاه أبو عمر. فإن خرج منه شئ بعد السبع غسل الموضع وحده، وحكمه حكم الجنب إذا أحدث بعد غسله.
فإذا فرغ من غسله كفنه في ثيابه وهي:
الرابعة - والتكفين واجب عند عامة العلماء، فإن كان له مال فمن رأس ماله عند عامة العلماء، إلا ما حكي عن طاوس أنه قال: من الثلث كان المال قليلا أو كثيرا.
فإن كان الميت ممن تلزم غيره نفقته في حياته من سيد - إن كان عبدا - أو أب أو زوج أو ابن، فعلى السيد باتفاق، وعلى الزوج والأب والابن باختلاف. ثم على بيت المال أو على جماعة المسلمين على الكفاية. والذي يتعين منه بتعيين الفرض ستر العورة، فإن كان فيه فضل غير أنه لا يعم جميع الجسد غطى رأسه ووجهه، إكراما لوجهه وسترا لما يظهر من تغير محاسنه. والأصل في هذا قصة مصعب بن عمير، فإنه ترك يوم أحد نمرة (2) كان