لاجتماعهما في زمن واحد، فكانت جوابا للفريقين. والله أعلم. وقوله: واستحمدوا بذلك إليه، أي طلبوا أن يحمدوا. وقول مروان: لئن كان كل امرئ منا الخ دليل على أن للعموم صيغا مخصوصة، وأن " الذين " منها. وهذا مقطوع به من تفهم ذلك من القرآن والسنة. وقوله تعالى: " ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا " إذا كانت الآية في أهل الكتاب لا في المنافقين المتخلفين، لأنهم كانوا يقولون: نحن على دين إبراهيم ولم يكونوا على دينه، وكانوا يقولون: نحن أهل الصلاة والصوم والكتاب، يريدون أن يحمدوا بذلك. و " الذين " فاعل بيحسبن بالياء. وهي قراءة نافع وابن عامر وابن كثير وأبي عمرو، أي لا يحسبن الفارحون فرحهم منجيا لهم من العذاب. وقيل: المفعول الأول محذوف، وهو أنفسهم.
والثاني " بمفازة ". وقرأ الكوفيون " تحسبن " بالتاء على الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، أي لا تحسبن يا محمد الفارحين بمفازة من العذاب. وقوله " فلا تحسبنهم " بالتاء وفتح الباء، إعادة تأكيد، ومفعوله الأول الهاء والميم، والمفعول الثاني محذوف، أي كذلك، والفاء عاطفة أو زائدة على بدل الفعل الثاني من الأول. وقرأ الضحاك وعيسى بن عمر بالتاء وضم الباء " فلا تحسبنهم " أراد محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه. وقرأ مجاهد وابن كثير وأبو عمرو ويحيى بن يعمر بالياء وضم الباء خبرا عن الفارحين، أي فلا يحسبن أنفسهم، " بمفازة " المفعول الثاني. ويكون " فلا يحسبنهم " تأكيدا. وقيل: " الذين " فاعل " بيحسبن " ومفعولاها محذوفان لدلالة " يحسبنهم " عليه، كما قال الشاعر:
بأي كتاب أم بأية آية (1) * ترى حبهم عارا على وتحسب استغنى بذكر مفعول الواحد عن ذكر مفعول، الثاني، و " بمفازة " الثاني، وهو بدل من الفعل الأول فأغنى لابداله منه عن ذكر مفعوليه، والفاء زائدة. وقيل: قد تجئ هذه الأفعال ملغاة لا في حكم الجمل المفيدة نحو قول الشاعر:
وما خلت أبقى بيننا من مودة * عراض المذاكي المسنفات القلائصا