سليم بن عامر قال: سمعت أبا أمامة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(شهيد البحر مثل شهيدي (1) البر والمائد (2) في البحر كالمتشحط (3) في دمه في البر وما بين الموجتين كقاطع الدنيا في طاعة الله وإن الله عز وجل وكل ملك الموت بقبض الأرواح إلا شهداء البحر فإنه سبحانه يتولى قبض أرواحهم ويغفر لشهيد البر الذنوب كلها إلا الدين ويغفر لشهيد البحر الذنوب كلها والدين).
السابعة - الدين الذي يحبس به صاحبه عن الجنة - والله أعلم - هو الذي قد ترك له وفاء ولم يوص به. أو قدر على الأداء فلم يؤده، أو أدانه في سرف أو في سفه ومات ولم يوفه. وأما من ادان في حق واجب لفاقة وعسر ومات ولم يترك وفاء فإن الله لا يحبسه عن الجنة إن شاء الله، لان على السلطان فرضا أن يؤدي عنه دينه، إما من جملة الصدقات، أو من سهم الغارمين، أو من الفئ الراجع على المسلمين. قال صلى الله عليه وسلم: (من ترك دينا أو ضياعا (4) فعلى الله ورسوله ومن ترك مالا فلورثته). وقد زدنا هذا الباب بيانا في كتاب (التذكرة) والحمد لله.
الثانية - قوله تعالى: (عند ربهم يرزقون) فيه حذف مضاف تقديره عند كرامة ربهم. و " عند " هنا تقتضي غاية القرب، فهي ك (- لدى) ولذلك لم تصغر فيقال! عنيد، قال سيبويه. فهذه عندية الكرامة لا عندية المسافة والقرب. و " يرزقون " هو الرزق المعروف في العادات. ومن قال: هي حياة الذكر قال: يرزقون الثناء الجميل. والأول الحقيقة.
وقد قيل: إن الأرواح تدرك في تلك الحال التي يسرحون فيها من روائح الجنة وطيبها ونعيمها وسرورها ما يليق بالأرواح، مما ترتزق وتنتعش به. وأما اللذات الجسمانية فإذا أعيدت تلك الأرواح إلى أجسادها استوفت من النعيم جميع ما أعد الله لها. وهذا قول حسن، وإن كان فيه نوع من المجاز، فهو الموافق لما اخترناه. والموفق الاله. و (فرحين) نصب في موضع الحال