كله بالحسنات والسيئات حسبما وردت به السنة الثابتة. روى عبد الله بن أنيس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يحشر الله العباد - أو قال الناس، شك همام (1)، وأومأ بيده إلى الشام - عراة غرلا (2) بهما. قلنا: ما بهم؟ (3) قال: ليس معهم شئ فيناديهم بصوت يسمعه من قرب ومن بعد أنا الملك أنا الديان لا ينبغي لاحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة وأحد من أهل النار يطلبه بمظلمة ولا ينبغي لاحد من أهل النار أن يدخل النار وأحد من أهل الجنة يطلبه بمظلمة حتى اللطمة. قال قلنا: كيف وإنما نأتي الله حفاة عراة غرلا؟. قال: بالحسنات والسيئات). أخرجه الحارث بن أبي أسامة (4). وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أتدرون من المفلس)؟. قالوا:
المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: (إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياه فطرحت عليه ثم طرح في النار). وقال صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لو أن رجلا قتل في سبيل الله ثم أحيي ثم قتل ثم أحيي ثم قتل وعليه دين ما دخل الجنة حتى يقضى عنه). وروى أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(نفس المؤمن معلقة ما كان عليه دين). وقال أحمد بن زهير: سئل يحيى بن معين عن هذا الحديث فقال: هو صحيح. فإن قيل: فهذا يدل على أن بعض الشهداء لا يدخلون الجنة من حين القتل، ولا تكون أرواحهم في جوف طير كما ذكرتكم، ولا يكونون في قبورهم، فأين يكونون؟ قلنا: قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أرواح الشهداء على نهر بباب الجنة يقال له بارق يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيا) فلعلهم هؤلاء.
والله أعلم. ولهذا قال الإمام أبو محمد بن عطية: وهؤلاء طبقات وأحوال مختلفة يجمعها أنهم " يرزقون ". وقد أخرج الإمام أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة القزويني في سننه عن