الشئ (مخففا) أفسره (بالكسر) فسرا. والتأويل بيان المعنى، كقوله لا شك فيه عند المؤمنين. أو لأنه حق في نفسه فلا يقبل ذاته الشك وإنما الشك وصف الشاك. وكقول ابن عباس في الجد أبا، لأنه تأول قول الله عز وجل: " يا بني آدم ".
الثامنة - قوله تعالى: (والراسخون في العلم) اختلف العلماء في " والراسخون في العلم " هل هو ابتداء كلام مقطوع مما قبله، أو هو معطوف على ما قبله فتكون الواو للجمع. فالذي عليه الأكثر أنه مقطوع مما قبله، وأن الكلام تم عند قوله " إلا الله " هذا قول ابن عمر وابن عباس وعائشة وعروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز وغيرهم، وهو مذهب الكسائي والأخفش والفراء وأبى عبيد [وغيرهم] (1). قال أبو نهيك الأسدي: إنكم تصلون هذه الآية وإنها مقطوعة.
وما انتهى علم الراسخين إلا إلى قولهم " آمنا به كل من عند ربنا ". وقال مثل هذا عمر بن عبد العزيز، وحكى الطبري نحوه عن يونس عن أشهب عن مالك بن أنس. و " يقولون " على هذا خبر " الراسخون ". قال الخطابي: وقد جعل الله تعالى آيات كتابه الذي أمرنا بالايمان به والتصديق بما فيه قسمين: محكما ومتشابها، فقال عز من قائل: " هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات... إلى قوله: كل من عند ربنا " فاعلم أن المتشابه من الكتاب قد استأثر الله بعلمه، فلا يعلم تأويله أحد غيره، ثم أثنى الله عز وجل على الراسخين في العلم بأنهم يقولون آمنا به. ولولا صحة الايمان منهم لم يستحقوا الثناء عليه. ومذهب أكثر العلماء أن الوقف التام في هذه الآية إنما هو عند قوله تعالى: " وما يعلم تأويله إلا الله " وأن ما بعده استئناف كلام آخر، وهو قوله " والراسخون في العلم يقولون آمنا به ". وروى ذلك عن ابن مسعود وأبى بن كعب وابن عباس وعائشة. وإنما روى عن مجاهد أنه نسق " الراسخون " على ما قبله وزعم أنهم يعلمونه. واحتج له بعض أهل اللغة فقال: معناه والراسخون في العلم يعلمونه قائلين آمنا، وزعم أن موضع " يقولون " نصب على الحال. وعامة أهل اللغة ينكرونه ويستبعدونه، لان العرب لا تضمر الفعل والمفعول معا، ولا تذكر حالا إلا مع ظهور الفعل، فإذا لم يظهر فعل فلا يكون حال، ولو جاز ذلك لجاز