على قدر طاقتهم ويسرهم وجلدهم. قال أشهب لمالك: أهو الزاد والراحلة؟. قال: لا والله، ما ذاك إلا على قدر طاقة الناس، وقد يجد الزاد والراحلة ولا يقدر على السير، وآخر يقدر أن يمشي على رجليه.
إذا وجدت الاستطاعة وتوجه فرض الحج يعرض ما يمنع منه كالغريم يمنعه عن الخروج حتى يؤدى الدين، ولا خلاف في ذلك. أو يكون له عيال يجب عليه نفقتهم فلا يلزمه الحج حتى يكون لهم نفقتهم مدة غيبته لذهابه ورجوعه، لان هذا الانفاق فرض على الفور، والحج فرض على التراخي، فكان تقديم العيال أولى. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت). وكذلك الأبوان يخاف الضيعة عليهما وعدم العوض في التلطف بهما، فلا سبيل له إلى الحج، فإن منعاه لأجل الشوق والوحشة فلا يلتفت إليه.
والمرأة يمنعها زوجها، وقيل لا يمنعها. والصحيح المنع، لا سيما إذا قلنا إن الحج لا يلزم على الفور.
والبحر لا يمنع الوجوب إذا كان غالبه السلامة - كما تقدم بيانه في البقرة (1) - ويعلم من نفسه أنه لا يميد (2). فإن كان الغالب عليه العطب أو الميد حتى يعطل الصلاة فلا. وإن كان لا يجد موضعا لسجوده لكثرة الراكب وضيق المكان فقد قال مالك: إذا لم يستطع الركوع والسجود إلا على ظهر أخيه فلا يركبه. ثم قال: أيركب حيث لا يصلي! ويل لمن ترك الصلاة! ويسقط الحج إذا كان في الطريق عدو يطلب الأنفس أو يطلب من الأموال ما لم يتحدد بحد مخصوص أو يتحدد بقدر مجحف. وفي سقوطه بغير المجحف خلاف. وقال الشافعي: لا يعطى حبة ويسقط فرض الحج. ويجب على المتسول إذا كانت تلك عادته وغلب على ظنه أنه يجد من يعطيه. وقيل لا يجب، على ما تقدم من مراعاة الاستطاعة.
إذا زالت الموانع ولم يكن عنده من الناض (3) ما يحج به وعنده عروض فيلزمه أن يبيع من عروضه للحج ما يباع عليه في الدين. وسئل ابن القاسم عن الرجل تكون له القربة