لها متاع وأعوان غدون به * قتب (1) وغرب إذا ما أفرغ انسحقا أي مضى وبعد سيلانه. وقول أبي العباس: إن مقاما بمعنى مقامات، لأنه مصدر. قال الله تعالى: " ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم " [البقرة: 7] (2). وقال الشاعر:
* إن العيون التي في طرفها مرض * (3) أي في أطرافها. ويقوي هذا الحديث المروي (الحج [كله] (4) مقام إبراهيم).
الخامسة - قوله تعالى: (ومن دخله كان آمنا) قال قتادة: ذلك أيضا من آيات الحرم. قال النحاس: وهو قول حسن، لان الناس كانوا يتخطفون من حواليه، ولا يصل إليه جبار، وقد وصل إلى بيت المقدس وخرب، ولم يوصل إلى الحرم. قال الله تعالى:
" ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل " [الفيل: 1] (5). وقال بعض أهل المعاني: صورة الآية خبر ومعناها أمر، تقديرها ومن دخله فأمنوه، كقوله: " فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج " [البقرة: 197] (6) أي لا ترفثوا ولا تفسقوا ولا تجادلوا. ولهذا المعنى قال الامام السابق النعمان بن ثابت: من اقترف ذنبا واستوجب به حدا ثم لجأ إلى الحرم عصمه، [لقوله تعالى:] " ومن دخله كان آمنا "، فأوجب الله سبحانه الامن لمن دخله. وروي ذلك عن جماعة من السلف منهم ابن عباس وغيره من الناس. قال ابن العربي: " وكل من قال هذا فقد وهم من جهتين: إحداهما أنه لم يفهم من الآية أنها خبر عما مضى، ولم يقصد بها إثبات حكم مستقبل، الثاني أنه لم يعلم أن ذلك الامن قد ذهب وأن القتل والقتال قد وقع بعد ذلك فيها، وخبر الله لا يقع بخلاف مخبره، فدل ذلك على أنه كان في الماضي هذا. وقد ناقض أبو حنيفة فقال، إذا لجأ إلى الحرم لا يطعم ولا يسقى ولا يعامل ولا يكلم حتى يخرج، فاضطراره (7) إلى الخروج ليس يصح معه أمن. وروي عنه أنه قال: يقع القصاص في الأطراف في الحرم ولا أمن أيضا مع هذا ".