ومثله قولهم: لا نلتقي أو تقوم الساعة، بمعنى " حتى " أو " إلى أن "، وكذلك مذهب الكسائي . وهي عند الأخفش عاطفة على " ولا تؤمنوا " وقد تقدم. أي لا إيمان لهم ولا حجة، فعطف على المعنى. ويحتمل أن تكون الآية كلها خطابا للمؤمنين من الله تعالى على جهة التثبيت لقلوبهم والتشحيذ لبصائرهم، لئلا يشكوا عند تلبيس اليهود وتزويرهم في دينهم. والمعنى أوتيتم من الفضل والدين، ولا تصدقوا أن يحاجكم في دينكم عند ربكم من خالفكم أ يقدر على ذلك، فإن الهدى هدى الله وإن الفضل بيد الله. قال الضحاك: إن اليهود قالوا إنا نحاج عند ربنا من خالفنا في ديننا، فبين الله تعالى أنهم هم المدحضون المعذبون وأن المؤمنين هم الغالبون.
ومحاجتهم خصومتهم يوم القيامة. ففي الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن اليهود والنصارى يحاجونا عند ربنا فيقولون أعطيتنا أجرا واحدا وأعطيتهم أجرين فيقول هل ظلمتكم من حقوقكم شيئا قالوا (1) لا قال فإن ذلك فضلي أوتيه من أشاء). قال علماؤنا: فلو علموا أن ذلك من فضل الله لم يحاجونا عند ربنا، فأعلم الله نبيه صلى الله عليه وسلم أنهم يحاجونكم يوم القيامة عند ربكم، ثم قال: قل لهم [الان] (2) " إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم ". وقرأ ابن كثير " آن يؤتى " بالمد على الاستفهام، كما قال الأعشى:
أأن رأت رجلا أعشى أضربه * ريب المنون ودهر متبل خبل (3) وقرأ الباقون بغير مد على الخبر. وقرأ سعيد بن جبير " إن يؤتى " بكسر الهمزة، على معنى النفي، ويكون من كلام الله تعالى كما قال الفراء. والمعنى: قل يا محمد إن الهدى هدى الله إن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم " يعني اليهود - بالباطل فيقولون نحن أفضل منكم. ونصب " أو يحاجوكم " يعني بإضمار " أن " و " أو " تضمر بعدها " أن " إذا كانت بمعنى " حتى " و " إلا أن ". وقرأ الحسن " أن يؤتي " بكسر التاء وياء مفتوحة، على معنى أن يؤتي أحد أحدا مثل ما أوتيتم، فحذف المفعول.