[وأسلم] (1) يؤتك الله أجرك مرتين وإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين (2)، ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله - إلى قوله: " فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ". لفظ مسلم. والسواء العدل والنصفة، قاله قتادة. وقال زهير:
أروني خطة لا ضيم فيها * يسوي بيننا فيها السواء الفراء: ويقال في معنى العدل سوى وسوى، فإذا فتحت السين مددت وإذا كسرت أو ضممت قصرت، كقوله تعالى: " مكانا سوى " [طه: 58]. قال: وفي قراءة عبد الله " إلى كلمة عدل بيننا وبينكم " وقرأ قعنب (3) " كلمة " بإسكان اللام، ألقى حركة اللام على الكاف، كما يقال كبد. فالمعنى أجيبوا إلى ما دعيتم إليه، وهو الكلمة العادلة المستقيمة التي ليس فيها ميل عن الحق، وقد فسرها بقوله تعالى: " ألا نعبد إلا الله " فموضع " أن " خفض على البدل من " كلمة "، أو رفع على إضمار مبتدأ، التقدير هي أن لا نعبد إلا الله. أو تكون مفسرة لا موضع لها، ويجوز مع ذلك في " نعبد " وما عطف عليه الرفع والجزم: فالجزم على أن تكون " أن " مفسرة بمعنى أي، كما قال عز وجل: " أن امشوا " [ص: 6] وتكون " لا " جازمة. هذا مذهب سيبويه. ويجوز على هذا أن ترفع " نعبد " وما بعده يكون خبرا. ويجوز الرفع بمعنى أنه لا نعبد، ومثله " ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا " [طه: 89] (4). وقال الكسائي والفراء: " ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ " بالجزم على التوهم أنه ليس في أول الكلام أن.
الثانية - قوله تعالى: (ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله) أي لا نتبعه في تحليل شئ أو تحريمه إلا فيما حلله الله تعالى. وهو نظير قوله تعالى: " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله " [التوبة: 31] (5) معناه أنهم أنزلوهم منزلة ربهم في قبول تحريمهم وتحليلهم لما لم يحرمه الله ولم يحله الله. وهذا يدل على بطلان القول بالاستحسان المجرد الذي لا يستند إلى دليل شرعي، قال الكيا الطبري: مثل استحسانات أبي حنيفة في التقديرات التي قدرها دون مستندات بينة. وفيه رد على الروافض الذين يقولون: يجب قبول [قول] الامام دون إبانة