يقول تعالى ذكره: كلا ما الامر كما تفعل يا محمد، من أن تعبس في وجه من جاءك يسعى وهو يخشى، وتتصدى لمن استغنى إنها تذكرة يقول: إن هذه العظة وهذه السورة تذكرة يقول: عظة وعبرة فمن شاء ذكره يقول: فمن شاء من عباد الله ذكره، يقول: ذكر تنزيل الله ووحيه، والهاء في قوله إنها للسورة، وفي قوله ذكره للتنزيل والوحي في صحف يقول إنها تذكرة في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة يعني في اللوح المحفوظ، وهو المرفوع المطهر عند الله.
وقوله: بأيدي سفرة يقول: الصحف المكرمة بأيدي سفرة، جمع سافر.
واختلف أهل التأويل فيهم ما هم؟ فقال بعضهم: هم كتبة. ذكر من قال ذلك:
28154 - حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، في قوله: بأيدي سفرة يقول: كتبة.
28155 - حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا بن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: بأيدي سفرة قال: الكتبة.
وقال آخر: هم القراء. ذكر من قال ذلك:
28156 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد عن قتادة، قوله: فمن شاء ذكره في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة قال: هم القراء.
وقال آخرون: هم الملائكة. ذكر من قال ذلك:
28157 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس بأيدي سفرة كرام بررة يعني الملائكة.
28158 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله:
بأيدي سفرة كرام بررة قال: السفرة: الذين يحصون الأعمال.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: قول من قال: هم الملائكة الذين يسفرون بين الله ورسله بالوحي. وسفير القوم: الذي يسعى بينهم بالصلح، يقال: سفرت بين القوم: إذا أصلحت بينهم ومنه قول الشاعر:
وما أدع السفارة بين قومي * وما أمشي بغش إن مشيت