وأولى التأويلين في ذلك عندي بالصواب. قول من قال: ثم الطريق، وهو الخروج من بطن أمه يسره.
وإنما قلنا ذلك أولى التأويلين بالصواب، لأنه أشبههما بظاهر الآية، وذلك أن الخبر من الله قبلها وبعدها عن صفته خلقه، وتدبيره جسمه، وتصريفه إياه في الأحوال، فالأولى أن يكون أوسط ذلك نظير ما قبله وبعده.
وقوله: ثم أماته فأقبره يقول: ثم قبض روحه، فأماته بعد ذلك. يعني بقوله:
أقبره: صيره ذا قبر، والقابر: هو الدافن الميت بيده، كما قال الأعشى:
لو أسندت ميتا إلى نحرها * عاش ولم ينقل إلى قابر والمقبر: هو الله، الذي أمر عباده أن يقبروه بعد وفاته، فصيره ذا قبر. والعرب تقول فيما ذكر لي: بترت ذنب البعير، والله أبتره وعضبت قرن الثور والله أعضبه وطردت عني فلانا، والله أطرده، صيره طريدا.
وقوله: ثم إذا شاء أنشره يقول: ثم إذا شاء الله أنشره بعد مماته وأحياه، يقال:
أنشر الله الميت، بمعنى: أحياه، ونشر الميت بمعنى حيي هو بنفسه ومنه قول الأعشى:
حتى يقول الناس مما رأوا * يا عجبا للميت الناشر وقوله: كلا لما يقض ما أمره يقول تعالى ذكره: كلا ليس الامر كما يقول هذا الانسان الكافر، من أنه قد أدى حق الله عليه، في نفسه وماله، لما يقض ما أمره: لم يؤد ما فرض عليه من الفرائض ربه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
28168 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحرث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:
لما يقض ما أمره قال: لا يقضي أحد أبدا ما افترض عليه. وقال الحرث: كل ما افترض عليه. القول في تأويل قوله تعالى: