وقوله: فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها يقول تعالى ذكره: فهل ينظر هؤلاء المكذبون بآيات الله من أهل الكفر والنفاق إلا الساعة التي وعد الله خلقه بعثهم فيها من قبورهم أحياء، أن تجيئهم فجأة لا يشعرون بمجيئها. والمعنى: هل ينظرون إلا الساعة، هل ينظرون إلا أن تأتيهم بغتة. وأن من قوله: إلا أن في موضع نصب بالرد على الساعة، وعلى فتح الألف من أن تأتيهم ونصب تأتيهم بها قراءة أهل الكوفة. وقد:
24288 - حدثت عن الفراء، قال: حدثني أبو جعفر الرواسي، قال: قلت لأبي عمرو بن العلاء: ما هذه الفاء التي في قوله: فقد جاء أشراطها قال: جواب الجزاء، قال: قلت: إنها إن تأتيهم، قال: فقال: معاذ الله، إنما هي إن تأتهم قال الفراء: فظننت أنه أخذها عن أهل مكة، لأنه عليهم قرأ، قال الفراء: وهي أيضا في بعض مصاحف الكوفيين بسنة واحدة تأتهم ولم يقرأ بها أحد منهم.
وتأويل الكلام على قراءة من قرأ ذلك بكسر ألف إن وجزم تأتهم فهل ينظرون إلا الساعة؟ فيجعل الخبر عن انتظار هؤلاء الكفار الساعة متناهيا عند قوله: إلا الساعة، ثم يبتدأ الكلام فيقال: إن تأتهم الساعة بغتة فقد جاء أشراطها، فتكون الفاء من قوله: فقد جاء بجواب الجزاء.
وقوله: فقد جاء أشراطها يقول: فقد جاء هؤلاء الكافرين بالله الساعة وأدلتها ومقدماتها، وواحد الأشراط: شرط، كما قال جرير:
ترى شرط المعزى مهور نسائهم * وفي شرط المعزى لهن مهورا ويروى: ترى قذم المعزى، يقال منه: أشرط فلان نفسه: إذا علمها بعلامة، كما قال أوس بن حجر:
فأشرط فيها نفسه وهو معصم * وألقى بأسباب له وتوكلا