تنزيل إحداهما قبل صاحبتها، وكان غير مستحيل مخرجهما على الصحة، لم يجز أن يقال:
إحداهما ناسخة الأخرى. وإذا كان ذلك كذلك، ولم يكن لقول من قال: معنى ذلك: لا يحل من بعد المسلمات يهودية ولا نصرانية ولا كافرة، معنى مفهوم، إذ كان قوله من بعد إنما معناه: من بعد المسميات المتقدم ذكرهن في الآية قبل هذه الآية، ولم يكن في الآية المتقدم فيها ذكر المسميات بالتحليل لرسول الله (ص) ذكر إباحة المسلمات كلهن، بل كان فيها ذكر أزواجه وملك يمينه الذي يفئ الله عليه، وبنات عمه وبنات عماته، وبنات خاله وبنات خالاته، اللاتي هاجرن معه، وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي، فتكون الكوافر مخصوصات بالتحريم، صح ما قلنا في ذلك، دون قول من خالف قولنا فيه.
واختلفت القراء في قراءة قوله لا يحل لك النساء فقرأ ذلك عامة قراء المدينة والكوفة يحل بالياء، بمعنى: لا يحل لك شئ من النساء بعد. وقرأ ذلك بعض قراء أهل البصرة: لا تحل لك النساء بالتاء، توجيها منه إلى أنه فعل للنساء، والنساء جمع للكثير منهن.
وأولى القراءتين بالصواب في ذلك قراءة من قرأه بالياء للعلة التي ذكرت لهم، ولاجماع الحجة من القراء على القراءة بها، وشذوذ من خالفهم في ذلك.
وقوله: ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: لا يحل لك النساء من بعد المسلمات، لا يهودية ولا نصرانية ولا كافرة، ولا أن تبدل بالمسلمات غيرهن من الكوافر. ذكر من قال ذلك:
21821 حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولا أن تبدل بالمسلمات غيرهن من النصارى واليهود والمشركين ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك.
21822 حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن أبي رزين، في قوله:
لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك قال: لا يحل لك أن تتزوج من المشركات إلا من سبيت فملكته يمينك منهن.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولا أن تبدل بأزواجك اللواتي هن في حبالك أزواجا غيرهن، بأن تطلقهن، وتنكح غيرهن. ذكر من قال ذلك: