عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: وما يعمر من معمر... إلى يسير يقول: ليس أحد قضيت له طول العمر والحياة إلا وهو بالغ ما قدرت له من العمر، وقد قضى ذلك له، وإنما ينتهي إلى الكتاب الذي قدرت له، لا يزاد عليه وليس أحد قضيت له أنه قصير العمر والحياة ببالغ العمر، ولكن ينتهي إلى الكتاب الذي قدرت له لا يزاد عليه، فذلك قوله:
ولا ينقص من عمره إلا في كتاب يقول: كل ذلك في كتاب عنده.
22135 حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: من قضيت له أن يعمر حتى يدركه الكبر، أو يعمر أنقص من ذلك، فكل بالغ أجله الذي قد قضى، كل ذلك في كتاب.
22136 حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب قال: ألا ترى الناس: الانسان يعيش مئة سنة، وآخر يموت حين يولد؟ فهذا هذا.
فالهاء التي في قوله ولا ينقص من عمره على هذا التأويل وإن كانت في الظاهر أنها كناية عن اسم المعمر الأول، فهي كناية اسم آخر غيره، وإنما حسن ذلك لان صاحبها لو أظهر لظهر بلفظ الأول، وذلك كقولهم: عندي ثوب ونصفه، والمعنى: ونصف الآخر.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره بفناء ما فني من أيام حياته، فذلك هو نقصان عمره. والهاء على هذا التأويل للمعمر الأول، لان معنى الكلام: ما يطول عمر أحد، ولا يذهب من عمره شئ، فينقص إلا وهو في كتاب عبد الله مكتوب قد أحصاه وعلمه. ذكر من قال ذلك:
22137 حدثني أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس، قال: ثنا عبثر، قال: ثنا حصين، عن أبي مالك في هذه الآية: وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب قال: ما يقضي كم أيامه التي عددت له إلا في كتاب.
وأولى التأويلين في ذلك عندي الصواب، التأويل الأول وذلك أن ذلك هو أظهر معنييه، وأشبههما بظاهر التنزيل.
وقوله: إن ذلك على الله يسير: يقول تعالى ذكره: إن إحصاء أعمار خلقه عليه يسير سهل، طويل ذلك وقصيره، لا يتعذر عليه شئ منه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل