على كفرهم بنا، وتكذيبهم رسلنا وذلك من قوله: ذلك جزيناهم في موضع نصب بوقوع جزيناهم عليه ومعنى الكلام: جزيناهم ذلك بما كفروا.
وقوله: وهل نجازي إلا الكفور اختلفت القراء في قراءته، فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة، وبعض أهل الكوفة: وهل يجازي بالياء وبفتح الزاي على وجه ما لم يسم فاعله إلا الكفور رفعا. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة: وهل نجازي بالنون وبكسر الزاي إلا الكفور بالنصب.
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان في قراء الأمصار، متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. ومعنى الكلام: كذلك كافأناهم على كفرهم بالله، وهل يجازي إلا الكفور لنعمة الله؟.
فإن قال قائل: أو ما يجزي الله أهل الايمان به على أعمالهم الصالحة، فيخص أهل الكفر بالجزاء؟ فيقال وهل يجازي إلا الكفور؟ قيل: إن المجازاة في هذا الموضع:
المكافأة، والله تعالى ذكره وعد أهل الايمان به التفضل عليهم، وأن يجعل لهم بالواحدة من أعمالهم الصالحة عشر أمثالها إلى ما لا نهاية له من التضعيف، ووعد المسئ من عباده أن يجعل بالواحدة من سيئاته، مثلها مكافأة له على جرمه، والمكافأة لأهل الكبائر والكفر والجزاء لأهل الايمان مع التفضل، فلذلك قال جل ثناؤه في هذا الموضع: وهل يجازي إلا الكفور؟ كأنه قال جل ثناؤه: لا يجازي: لا يكافأ على عمله إلا الكفور، إذا كانت المكافأة مثل المكافأ عليه، والله لا يغفر له من ذنوبه شيئا، ولا يمحص شئ منها في الدنيا.
وأما المؤمن فإنه يتفضل عليه على ما وصفت.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
22006 حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد وهل نجازي: نعاقب.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور إن الله تعالى إذا أراد بعبده كرامة تقبل حسناته، وإذا أراد بعبده هوانا أمسك عليه ذنوبه حتى يوافي به يوم القيامة. قال: وذكر لنا أن رجلا بينما هو في طريق من طرق المدينة، إذا مرت به امرأة، فأتبعها بصره، حتى أتى على حائط، فشج وجهه،