قلت: لان الكلم لما كانت مركبة من ذوات الحروف، واستمرت العادة حتى تهجيت، وحتى قيل للكاتب اكتب كيت وكيت أن يلفظ بالأسماء وتقع في الكتابة الحروف أنفسها عمل على تلك الشاكلة المألوفة في كتابة الفواتح (1).
وهذا الرد الذي ذكره الزمخشري يؤكد ملاحظتنا - بصيغتها الصحيحة - في أن هذه الكيفية من النطق تعني أن الحروف هي المقصودة بذاتها لا أن المقصود الإشارة إلى السورة المسماة بهذه الحروف، وإلا لنطقت الحروف بنفسها لا بأسمائها، ولذا نرى صحة هذه الملاحظة بهذه الصيغة.
الخامس: أن هذه الحروف إنما جئ بها ليفتتح بها القرآن الكريم وليعلم بها ابتداء السورة وانقضاء ما قبلها، وقد اختار هذا الرأي البلخي وروي عن مجاهد أيضا، وذكر له الشيخ الطوسي بعض الأمثلة من استعمالات العرب (2)، ويؤيده قول أحمد ابن يحيى بن ثعلب: إن العرب إذا استأنفت كلاما فمن شأنهم أن يأتوا بشئ غير الكلام الذي يريدون استئنافه فيجعلونه تنبيها للمخاطبين على قطع الكلام الأول واستئناف الكلام الجديد (3).
وقد يلاحظ على هذا الرأي بعدم شمول هذه الطريقة لجميع سور القرآن الكريم، ويبقى الاختصاص حينئذ سرا نحتاج إلى ايضاحه والكشف عنه.
نعم قد يقال: إن هذه الطريقة انما كانت الحاجة إليها موجودة في السور الطوال التي كانت تنزل تدريجيا وليس في جميع سور القرآن الكريم، حيث كان بعضها ينزل دفعة واحدة، كما في السور القصار.
ولكن الملاحظة الأساسية الأخرى على هذا الرأي هي أن البسملة يمكن أن