أدل على بطلان هذه المسلك من التمسك به على صحته... " (1).
كما لاحظ عليه السيد رشيد رضا بمثل هذه الملاحظة حيث قال: " إن أضعف ما قيل في هذه الحروف وأسخفه إن المراد بها الإشارة باعداها في حساب الجمل إلى مدة هذه الأمة أو ما يشابه ذلك " (2).
التاسع: أن ذكر هذه الحروف في القرآن الكريم يدل على ناحية اعجازية تشبه دلالة بقية الآيات القرآنية، وذلك لان النطق بهذه الحروف وإن كان متيسرا بالنسبة إلى كل من يتكلم العربية، ولكن أسماءها لم تكن تتيسر إلا للمتعلم من العرب، ولما كان النبي (صلى الله عليه وآله) أميا - كما يعرفه بذلك معاصروه - فقدرته على معرفة أسمائها قرينة على تلقيه ذلك من قبل الغيب، ويكون ذلك من قبيل ذكر القصص القرآني الذي لم يكن للنبي (صلى الله عليه وآله) طريق للاطلاع عليه غير الوحي الإلهي لعدم اطلاع قريش عليه قبل هذا، وأيضا هو بمنزلة من يتكلم باللغة الأجنبية من دون أن يسمعها أو يتعلمها من أحد، ولعل هذا هو السبب في تقديم ذكرها على السورة كلها.
وقد أوضح الزمخشري هذه الفكرة بابداء ملاحظة أخرى هي: أن ظاهرة غريبة تلاحظ حين نريد أن ندرس هذه الحروف بدقة تدعونا إلى الحكم بأن هذه الحروف قد اختيرت بعناية فائقة لا تتوفر إلا لدى المتخصصين من علماء العربية، ذلك أن هذه الحروف تمثل نصف أسامي الحروف العربية، حيث إن عددها أربعة عشر، كما انها جاءت في تسع وعشرين سورة هي عدد حروف المعجم كلها بإضافة الهمزة، ثم إذا نظرت في هذه الحروف الأربعة عشر وجدتها مشتملة على أنصاف أجناس الحروف من المهموسة والمجهورة، والشديدة والرخوة، والمطبقة