وإن كانت صحيحة ولكنها تحتاج إلى ابراز القرائن الحالية التي كانت تؤدي دور الافهام، كما سوف نشير إلى ذلك.
السابع: أن هذه الحروف انما جاءت في أول السور ليفتح القرآن اسماع المشركين الذين تواصوا بعدم الانصات إليه، كما أشار القرآن الكريم إلى ذلك في قوله تعالى - على لسانهم -: ﴿لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون﴾ (1) فكانت هذه الحروف - بطريقة عرضها وغموضها - سببا للفت أنظار المشركين إلى استماع القرآن الكريم رجاء أن يتضح لهم منه هذا الغموض والابهام عند استماعهم له.
ويزداد هذا المذهب وضوحا إذا لاحظنا الحالة النفسية التي كان يعيشها المشركون آنذاك، حيث ينظرون إلى القرآن الكريم على أنه صورة المعجزة المدعاة وانه ذو صلة بالغيب وعوالمه العجيبة، فهم ينتظرون في كل لحظة ان تحدث ظاهرة غريبة تفسر لهم الموقف وتأتيهم بالأمور العجيبة.
الثامن: أنها حروف من حساب الجمل، لان طريقة الحساب الأبجدي المعروفة الان كانت متداولة بين أهل الكتاب آنذاك، فهذه الحروف تعبر عن آجال أقوام معينين.
ومن هنا نجد - كما روي عن ابن عباس - ابا ياسر ابن اخطب اليهودي يحاول ان يتعرف على أجل الأمة الاسلامية وعمرها من خلال هذه الحروف (2).
وقد لاحظ ابن كثير على هذا الرأي بقوله: " واما من زعم أنها دالة على معرفة العدد وأنه يستخرج من ذلك أوقات الحوادث والفتن والملاحم فقد ادعى ما ليس له، وطار في غير مطاره وقد ورد في ذلك حديث ضعيف، وهو مع ذلك