ضرورة للالتزام بالنسخ حتى مع الالتزام بأن المقصود من الفاحشة في الآية الكريمة خصوص زنا النساء، لان الالتزام بالجلد والرجم يمكن ان ينسجم مع الالتزام - في الوقت ذاته - بثبوت الحكم الوقائي الرادع.
وفي خصوص الآية الثانية يكون المقصود بالفاحشة اللواط، وحكمه الايذاء، سواء فسرنا الايذاء بالشكل الذي روي عن ابن عباس، أم بالشكل الاخر الواسع، فإنه في كل من الفرضين يمكن أن نلتزم بالحد الشرعي الثابت في الشريعة المقدسة، على أن تفسير مفهوم الايذاء بشكل يشمل الجلد والرجم يجعل آية الجلد وغيرها في موقف المفسر المحدد لنوعية الايذاء المتخذ ضد الزاني من الرجال والنساء، دون ان يكون ناسخا للآية الأولى.
وهناك قرينة لفظية في الآية تدل على أن المراد من الاسم الموصول (اللذان) هو خصوص الرجلين دون الرجل والمرأة، كما هو التفسير القائل بالنسخ، وهذه القرينة هي ملاحظة سياق الآيتين الذي يقرر أن المراد من ضمير الجمع المخاطب المذكور فيهما ثلاث مرات من جنس واحد، بحيث لا يختلف الثالث عن الأوليين.
ولما كان المراد بالأوليين منهما خصوص الرجال، لإضافة النساء في أحدهما للضمير وربط الشهادة بالرجال في الثاني، ويجب ان يكون المراد من الثالث خصوص الرجال أيضا، وهذا ينتهي بنا إلى أن المراد بالاسم الموصول خصوص الرجال، ومع هذه القرينة لا بد من الالتزام بان المراد من الفاحشة هي اللواط بالخصوص.
الآية الثالثة:
قوله تعالى: ﴿... فما استمعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة...﴾ (1).
ولا بد من معرفة مفاد الآية الكريمة قبل البحث عن كونها آية منسوخة الحكم.