وقد ناقش السيد الخوئي (رحمه الله) القول بالنسخ هذا بمناقشتين:
الأولى: أنه لا يمكن القول بنسخ الآية بالآية الثانية بعد أن كان الحكم في الآية المدعى نسخها له غاية ووقت، وهما وان كانا مذكورين فيها على سبيل الاجمال لا التعيين الا ان هذا المقدار يكفي في عدم الالتزام بالنسخ فيها، حيث إن النسخ لا يكون في حكم المؤقت الذي يرتفع بانتهاء وقته، وانما يكون في الحكم الذي يكون ظاهره الاستمرار والتأبيد بحسب اطلاق اللفظ دون ان يكون صريحا في ذلك، وعلى هذا الأساس يكون دور الآية الثاني هو: بيان الوقت والغاية للحكم المذكور في الآية الأولى دون ان تكون ناسخة له.
الثانية: أن آية السيف لا تأمر بقتل أهل الكتاب بشكل مطلق حتى تصبح معارضة للآية الأولى، وانما هي تأمر بقتالهم عند عدم دفعهم للجزية (1).
وحينئذ فمجرد ان يكونوا من أهل الكتاب لا يكفي في جواز قتالهم، وانما يشترط في قتالهم توفر إحدى حالات ثلاث، كما يستفاد ذلك من مجموع الآيات القرآنية وهي:
أ - مبادأة أهل الكتاب المسلمين بالقتال: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين) (2).
ب - محاولتهم فتنة المسلمين عن دينهم: (... والفتنة أشد من القتل...) (3).
ج - امتناعهم عن اعطاء الجزية للآية المتقدمة.
وفي غير هذه الحالات لا يجوز قتال أهل الكتاب، وانما يكتفى بالصفح والعفو عنهم، كما جاء في الآية الأولى المدعى نسخها، فتكون الآية الثانية مقيدة لاطلاق الآية الأولى لا ناسخة لها.