1 - إن للفظ الفاحشة في اللغة والقرآن الكريم معنى واسعا شاملا، ينطوي تحته كل ما تزايد قبحه وتفاحش، دون ان يكون مختصا بعملية الزنا وحدها، فقد تكون لواطا أو سحاقا أو زنا، ولا ظهور ولا انصراف للفظ الفاحشة في خصوص الزنا.
2 - إن المقصود بالسبيل في الآية الكريمة هو المخرج والمخلص الذي يكون في حقيقته وواقعه أقل كلفة وضررا على المرأة من الحبس في الدار، لان الآية تجعل السبيل للمرأة لا عليها، وحينئذ فلا يمكن تفسير السبيل بالعقوبة التي وضعها الاسلام الحنيف بالنسبة إلى الزانية والزاني - البكر منهما والثيب - لان هذه العقوبة ليست سبيلا للمرأة تخلص به من شدة الحبس وعقابه، وانما هو أشد وأقسى من الحبس نفسه.
3 - إن لفظ الايذاء في الآية الكريمة ليس له ظهور في الشتم والسب والإهانة وضرب النعال، وانما هو معنى شامل لهذه الأمور ولغيرها من ألوان الايذاء الأخرى كالجلد والرجم وغيرهما.
وبعد ملاحظة هذه النقاط الثلاث يمكن ان نذهب في خصوص الآية الأولى إلى أن المقصود بالفاحشة: (المساحقة) وحكمها الثابت بالآية هو الحبس حتى الموت، أو السبيل الذي يهيئه الله سبحانه لها بان تتوفر الظروف التي تجعل المرأة في مأمن من ارتكاب المنكر، كأن تتزوج أو تبلغ العمر الذي تموت فيه طاقتها الجنسية أو تخمد أو تتوب وتصلح.
وبهذا اللون من التفسير يمكننا ان نلتزم بعدم النسخ في هذه الآية لبقاء حكمها، في الوقت الذي يلتزم به بالجلد والرجم بالنسبة إلى الزاني. وإضافة إلى ذلك يمكننا ان نذهب إلى أن الحكم بالحبس ليس عقابا وحدا لارتكاب الفاحشة، وانما هو عمل وقائي رادع عن العودة لارتكاب المنكر مرة أخرى، ويجب في كل الحالات التي يستشعر فيها الخطر من الوقوع في المنكر حتى قبل وقوعه، وحينئذ فلا