إذ حددنا المصداق الذي ينطبق عليه معنى الجملة ويشير إليه، فتسمى المرحلة الأولى بمرحلة (تفسير اللفظ) أو التفسير اللغوي، وهي مرحلة تحديد المفاهيم، وتسمى المرحلة الثانية: مرحلة (تفسير المعنى) وهي مرحلة تجسيد تلك المفاهيم في صور معينة محددة.
وأمثلة ذلك من القرآن الكريم كثيرة، فنحن نلاحظ في القرآن أن الله سبحانه يوصف بالحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام، ونواجه بالنسبة إلى هذه الكلمات بحثين:
أحدهما: البحث عن مفاهيم هذه الكلمات من الناحية اللغوية.
والاخر: البحث عن تعيين مصداق تلك المفاهيم بالنسبة إلى الله تعالى.
فكيف يسمع سبحانه؟ وهل يسمع بجارحة أو لا؟ وكيف يعلم؟ وهل يعلم بصورة زائدة على ذاته؟
والأول: يمثل التفسير اللفظي للآية أو تفسير اللفظ، والثاني: يمثل التفسير المعنوي أو تفسير المعنى.
ومن أمثلة ذلك أيضا قوله تعالى: (وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه...) (١) وقوله: ﴿... وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد...﴾ (٢) وقوله: ﴿وأنزلنا من السماء ماء بقدر فاسكناه في الأرض...﴾ (3) فنحن نجد هذه الآيات تتحدث عن أشياء قد أنزلت من قبيل: (الكتاب) (الحديد) (الماء) وتفسير اللفظ يعني - بصدد هذه الآيات - أن نشرح معنى (النزول) لغة ونحدد مفهوم كلمة " أنزلنا " الواردة في الآيات الثلاث، ونعرف أنها تستبطن معنى (الهبوط من جهة عالية