واحد منها خصوصية من الخصوصيات المأخوذة من عالم الحس، الموجودة في المثال الاخر، فنطرح ما يجب طرحه من الخصوصيات المحيطة بالكلام، ونحتفظ بما يجب الاحتفاظ به منها (1).
ولا شك ان هذا الوجه من أروع ما قيل في تفسير ظاهرة وجود المتشابه، ويمكن ان يعتبر تعليلا وجيها لورود الكثير من الآيات المتشابهة، ولكننا لا نقبله تعليلا شاملا لكل ما ورد في القرآن من المتشابهات، حيث نرى أن بعضها لا يمكن تحديد مصداقه بشكل قاطع، بناء على مذهبنا في حقيقة المتشابه الذي عرفنا فيه أن المفهوم اللغوي له مفهوم صحيح، وليس باطلا لينتفي الريب بواسطة الأمثلة الأخرى القرآنية.
وفي نهاية المطاف يجدر بنا أن نذكر خلاصة الوجه الصحيح في حكمة ورود المتشابه في القرآن، وبهذا الصدد يحسن بنا ان نقسم المتشابه إلى قسمين رئيسين:
الأول: المتشابه الذي لا يعلم تأويله ومصداقه إلا الله.
الثاني: المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم، ولو كان ذلك بتعليم الله تعالى لهم.
اما ورود القسم الأول في القرآن، فلان من الاهداف الرئيسة التي جاء من أجلها القرآن الكريم هو: ربط الانسان الذي يعيش الحياة الدنيا بالمبدأ الاعلى وهو الله سبحانه، وبالمعاد وهو الدار الآخرة وعوالمها، وهذا الربط لا يمكن ان يتحقق إلا عن طريق إثارة الموضوعات التي تتعلق بعالم الغيب وما يتصل به من أفكار ومفاهيم، لينمي غريزة الايمان التي فطر الانسان عليها، ويشده إلى عالمه الذي سوف ينتهي إليه، فلم يكن هناك سبيل أمام القرآن الكريم يتفادى به