منه تحقيق متعلقه بحسب الخارج، وهذا ما نسميه بالحكم الحقيقي.
ونجد من السهل الالتزام بالنسخ في القسم الأول من الحكم، إذ لا مانع من رفع هذا الحكم بعد اثباته بعد أن كانت الحكمة في نفس إثباته ورفعه، لان دوره ينتهي بالامتحان نفسه فيرتفع حين ينتهي الامتحان ولحصول فائدته وغرضه، والنسخ في هذا النوع من الحكم لا يلزم منه العبث ولا ينشأ منه البداء الذي يستحيل في حقه تعالى.
واما القسم الثاني من الحكم فإننا يمكن ان نلتزم بالنسخ فيه دون ان يستلزم ذلك شيئا من البداء أو العبث، حيث يمكن ان نضيف فرضا ثالثا إلى الفرضين اللذين ذكرتهما الشبهة.
وهذا الفرض هو ان يكون النسخ لحكمة كانت معلومة لله سبحانه من أول الامر ولم تكن خافية عليه وان كانت مجهولة عند الناس غير معلومة لديهم، فلا يكون هناك بداء لأنه ليس في النسخ من جديد على الله لعلمه سبحانه بالحكمة مسبقا، كما أنه لا يكون عبثا لوجود الحكمة في متعلق الحكم الناسخ وزوالها في متعلق الحكم المنسوخ، وليس هناك ما يشكل عقبة في طريق تعقل النسخ هذا الا الوهم الذي يأبى تصور ارتباط مصلحة الحكم بزمان معين بحيث تنتهي عنده، والا الوهم الذي يرى في كتمان هذا الزمان المعين عن الناس جهلا من الله بذلك الزمان.
وهذا الوهم يزول حين نلاحظ بعض النظائر الاجتماعية التي ترى فيها شيئا اعتياديا ليس فيه من المحال أثر ولا من العبث والبداء.
فالطبيب حين يعالج مريضا ويرى أن مرحلة من مراحل المرض التي يجتازها المريض يصلح لها دواء معين فيصف له هذا الدواء لمدة معينة ثم يستبدله بدواء آخر يصلح لمرحلة أخرى لا يوصف عمله بالعبث والجهل، مع أنه قام بوضع