الرئيسة للشبهة في هذا الموضوع مع الإجابة عليها بالشكل الذي يتضح به الموقف تجاه الصياغات الأخرى لها.
وخلاصة هذه الشبهة أن النسخ يستلزم أحد أمرين باطلين: (البدء، أو العبث) لان النسخ إما ان يكون بسبب حكمة ظهرت للناسخ بعد أن كانت خفية لديه، أو يكون لغير مصلحة وحكمة، وكلا هذين الامرين باطل بالنسبة إلى الله سبحانه، ذلك أن تشريع الحكم من الحكيم المطلق وهو الله سبحانه لا بد ان يكون بسبب مصلحة يستهدفها ذلك الحكم فتقتضي تشريعه، حيث إن تشريع الحكم بشكل جزافي يتنافى وحكمة الشارع، وحينئذ فرفع هذا الحكم الثابت لموضوعه بسبب المصلحة، اما ان يكون مع بقاء حاله على ما هو عليه من وجه المصلحة وعلم ناسخة بها، وهذا ينافي حكمة الجاعل وهو العبث نفسه، واما ان يكون من جهة البداء وجهله بواقع المصلحة والحكمة وانكشاف الخلاف لديه على ما هو الغالب في الاحكام والقوانين الوضعية، وعلى كلا الفرضين يكون وقوع النسخ في الشريعة محالا لأنه يستلزم المحال. اما البداء أو العبث، فهما محال على الله لأنهما نقص لا يتصف بهما (1).
ومن اجل ان يتضح الجواب عن هذه الشبهة نقسم الحكم المجعول من قبل الشارع إلى قسمين رئيسين:
الأول: الحكم المجعول الذي لا يكون وراءه طلب وزجر حقيقيان كالأوامر والنواهي التي تجعل ويقصد بها الامتحان ودرجة الاستجابة للحكم دون ان يستهدف المشرع تحرك المكلف، كما في أمر الله سبحانه نبيه إبراهيم بذبح ولده إسماعيل، وهذا ما نسميه بالحكم الامتحاني.
الثاني: الحكم المجعول الذي يكون بداع حقيقي من البعث والزجر حيث يقصد