احكام معينة لهذا المريض في زمان محدود ثم رفعها عنه بعد مدة من الزمن، وحين وضع الحكم كانت هناك مصلحة تقتضيه كما أنه حين رفع الحكم كانت هناك مصلحة تقتضي هذا الرفع، وهو في كل من الحالين كان يعلم المدة التي يستمر بها الحكم والحكمة التي تقتضي رفعه.
ونظير هذا يمكن ان نتصوره في النسخ، فان الله سبحانه حين وضع الحكم المنسوخ وضعه من اجل مصلحة تقتضيه، وهو سبحانه يعلم الزمان الذي سوف ينتهي فيه الحكم وتتحقق المصلحة التي من اجلها شرع، كما أنه حين يستبدل الحكم المنسوخ بالحكم الناسخ استبدله من اجل مصلحة معينة تقتضيه، فكل من وضع الحكم ورفعه كان من اجل حكمة هي معلومة عند جعل الحكم المنسوخ.
فليس هناك جهل وبداء، كما أنه ليس هناك عبث لتوفر عنصر العلم والحكمة في الجعل والرفع.
نعم هناك جهل الناس بواقع جعل الحكم المنسوخ حيث كان يبدو استمرار الحكم نتيجة للاطلاق في البيان الذي وضع الحكم فيه ولكن النسخ انما يكون كشفا عن هذا الواقع الذي كان معلوما لله سبحانه من أول الامر.
ب - وقوعه خارجا:
والى جانب ما ذكرناه من تصوير النسخ بالشكل الذي لا يستلزم البداء أو العبث منه سبحانه وتعالى، يمكن ان نضيف شيئا آخر في احباط شبهة القائلين باستحالة النسخ من اليهود والنصارى وغيرهم، وذلك بملاحظة الموارد التي تحقق فيها النسخ سواء في الشريعة الموسوية، أو الشريعة المسيحية، أو الشريعة الاسلامية، حيث جاءت نصوص في التوراة والإنجيل وفي الشريعة الاسلامية تتضمن النسخ، ورفع ما هو ثابت في نفس الشريعة أو في غيرها من الشرائع السابقة، نذكر منها الموارد الآتية: