روى الصدوق في اكمال الدين عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: " من زعم أن الله عز وجل يبدو له في شئ لم يعلمه أمس فابرؤا منه " (١).
والبداء - تارة أخرى - نفهمه على أساس آخر بان نتصوره نسخا في التكوين، فليس هناك فرق أساسي بينه وبين النسخ من حيث الفكرة، وانما الفرق بينهما في الموضوع الذي يقع النسخ فيه أو البداء، فالازالة والتبديل إذا وقعا في التشريع سميناهما نسخا، وإذا وقعا في الأمور الكونية من الخلق والرزق والصحة والمرض وغيرها سميناهما بداء.
والجدير بالذكر أن هذه الفكرة للبداء من شبهة أثارها اليهود حول قدرة الله - تعالى - وسلطانه، وأشار القرآن الكريم إليها كما ناقشها أيضا بقوله تعالى:
﴿وقالت اليهود: يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء...﴾ (2).
وخلاصة الشبهة: أن الله سبحانه إذا خلق شيئا وقضى فيه أمره استحال عليه ان تتعلق مشيئته بخلافه، فهو حين يخلق قانون الجاذبية للأرض - مثلا - أصبح مسلوب القدرة والسلطان امام هذا القانون، فلا يقدر ان يشاء خلافه أو ينسخه، شأنه في هذا شأن صاحب البندقية، فإنه حين يضغط على الزناد يفقد قدرة التحكم في الرصاصة.
وهذا المعنى هو الذي عبر عنه القرآن الكريم بقوله: (وقالت اليهود يد الله مغلولة) كما جاء ذلك في رواية الصدوق عن الصادق (عليه السلام) حيث قال: " لم يعنوا أنه هكذا ولكنهم قالوا فرغ عن الامر فلا يزيد ولا ينقص ".