على الفكرة التي عرضناها سابقا، وقيل: إن أول محاولة في ذلك كانت من قبل (الشافعي).
وقد ذكر الأصوليون للنسخ تعاريف كثيرة أصبحت بعد ذلك مجالا واسعا للمناقشة والنقد، ولكننا نقتصر هنا على ما ذكره السيد الخوئي (رحمه الله) من تعريف للنسخ لأنه يفي بالمقصود.
النسخ: " رفع أمر ثابت في الشريعة المقدسة بارتفاع أمده وزمانه سواء أكان ذلك الامر المرتفع من الأحكام التكليفية - كالوجوب والحرمة - أم من الأحكام الوضعية كالصحة والبطلان، وسواء أكان من المناصب الإلهية أم من غيرها من الأمور التي ترجع إلى الله تعالى بما انه شارع " (1).
ويلاحظ في هذا التعريف أن الرفع في النسخ انما يكون لأمر ثابت في أصل الشريعة، ولذا فلا يكون شاملا لمثل ارتفاع الحكم الشرعي الذي يكون بسبب انتهاء موضوعه، كارتفاع وجوب الصوم بانتهاء شهر رمضان، أو ارتفاع ملكية شخص لماله بسبب موته، فان هذا النوع من ارتفاع الحكم لا يسمى نسخا، ولا نجد من يخالف في امكانه ووقوعه، وقد أوضح السيد الخوئي (رحمه الله) لنا الفرق بين الارتفاع الذي يكون نسخا، والارتفاع الذي لا يكون من النسخ في شئ وذلك بالبيان التالي:
ان الحكم المجعول في الشريعة المقدسة له مرحلتان من الثبوت:
الأولى: ثبوت الحكم في عالم التشريع والانشاء، والحكم في هذه المرحلة يكون مشرعا على نحو (القضية الحقيقية) حيث لا يفرق في صدقها وثبوتها وجود الموضوع في الخارج وعدم وجوده، وانما يكون قوام ثبوت الحكم ووجوده فيها بفرض وجود الموضوع.