عن الكاذب، وأولئك الذين استجابوا لله وللرسول رغبة وشوقا منهم عن أولئك الذين استجابوا طمعا أو للوصول إلى المال والدنيا فتقول: إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله!
أجل، إن أول علامة للإيمان هي عدم التردد في مسير الإسلام، والعلامة الثانية الجهاد بالأموال، والعلامة الثالثة التي هي أهم من الجميع الجهاد بالنفس.
وهكذا فإن الإسلام يستهدف في الإنسان أجلى العلائم " ثبات القدم وعدم الشك والتردد من جهة، والإيثار بالمال والنفس من جهة أخرى ".
فكيف لا يرسخ الإيمان في القلب والإنسان لا يقصر عن بذل المال والروح في سبيل المحبوب!؟
ولذلك فإن الآية تختتم بالقول مؤكدة: أولئك هم الصادقون.
هذا هو المعيار الذي حدده الإسلام لمعرفة المؤمنين الحق وتمييزهم عن الكاذبين المدعين بالإسلام تظاهرا، وليس هذا المعيار منحصرا بفقراء جماعة بني أسد، بل هو معيار واضح وجلي ويصلح لكل عصر وزمان لفصل المؤمنين عن المتظاهرين بالإسلام، ولبيان قيمة أولئك الذين يمنون بأن أسلموا على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وذلك بحسب الظاهر فحسب، إلا أنه عند التطبيق والعمل لا يوجد فيهم أقل علامة من الإيمان أو الإسلام.
وفي قبال أولئك رجال لا يدعون شيئا ولا يمنون، بل يرون أنفسهم مقصرين دائما، وفي الوقت ذاته هم في طليعة المضحين والمؤثرين بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله.
ولو أنا اتخذنا معيار القرآن لمعرفة المؤمنين الواقعيين وتمييزهم عن سواهم لما كان معلوما من خلال هذا العدد الهائل من آلاف الآلاف و " الملايين " ممن يدعون الإسلام كم هم المؤمنون حقا؟! وكم هم المسلمون في الظاهر فحسب؟!
* * *