وبتعبير آخر أن " الذنب " في اللغة يعني الآثار السيئة والتبعات التي تنتج عن العمل غير المطلوب، فكان ظهور الإسلام في البداية تدميرا لحياة المشركين، غير أن انتصاراته المتلاحقة والمتتابعة كانت سببا لنسيان تلك التبعات.
فمثلا لو كان لدينا بيت قديم يوشك على الخراب ولكننا نلتجئ إليه ولنا به علاقة وطيدة فقام أحد الناس بتخريبه فإننا نغضب منه ونخطئه على فعله ولكنه بعد بنائه من جديد محكما سامقا فإن أحكامنا السابقة تمضي أدراج الرياح!
وهكذا بالنسبة لمشركي مكة سواء قبل هجرة النبي أم بعدها إذ كانت أفكارهم وأذهانهم مبلبلة عن الإسلام وشخص النبي بالذات، غير أن انتصارات الإسلام أزالت هذه التصورات والأفكار!
أجل: لو أخذنا مسألة العلاقة بين مغفرة هذه الذنوب وفتح الحديبية بنظر الاعتبار لاتضح الموضوع بجلاء، واستفدنا العلاقة من " اللام " في " ليغفر لك الله " في كونها مفتاح " الرمز " لفتح معنى الآية المغلق!
غير أن من لم يلتفت إلى هذه " اللطيفة "... جعل عصمة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) موضع استفهام وقال: " والعياذ بالله " أن لديه ذنوبا غفرها الله بفتح " الحديبية " أو حمل الآية على خلاف ظاهر معناها وأن المراد (الذنوب عامة).
وقال بعضهم: بل هي ذنوب الناس التي ارتكبوها في حق النبي كأذاهم والإساءة إليه وقد غفرها الله بفتح " الحديبية " [وفي هذه الصورة يكون الذنب قد أضيف إلى مفعوله معنى لا إلى فاعله].
أو حملوا الذنب على [ترك الأولى].
وبعضهم فسر ذلك بالفرض فقال: ليغفر لك الذنب الذي لو كنت عملته فرضا أو ستعمله فقد غفر الله كل ذلك لك!.
لكن من المعلوم أن كل هذه التفاسير لا تتجاوز التكلف والتمحل ودون أي دليل! إذ لو خدشنا في عصمة الأنبياء.. لأنكرنا فلسفة وجودهم، لأن النبي ينبغي