الذين كانوا يبشرون بالإسلام قبل بعثة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، أما بعد ظهوره ومبعثه، وتعرض مصالحهم للخطر، ولحسدهم وكبرهم، فإنهم اعتبروا الإسلام دينا باطلا، وغير سليم - ولما كان هناك قدر مشترك بين المنافقين واليهود في مخالفتهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتآمرهم ضد الإسلام، فإنهم اتفقوا مع اليهود على العمل المشترك ضد الإسلام والمسلمين.
وربما كان تعبير في بعض الأمر إشارة إلى أننا نتعاون معكم في هذا الجزء فقط، فإنكم تخالفون عبادة الأصنام، وتعتقدون بالبعث والقيامة، ونحن لا نتفق معكم في هذه الأمور (1).
هذا الكلام شبيه بما جاء في الآية (11) من سورة الحشر: ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم.
وتهدد الآيات هؤلاء في نهايتها فتقول: والله يعلم إسرارهم فهو عليم بكفرهم الباطن ونفاقهم، وبتآمرهم مع اليهود، وسيعاقبهم ويجازيهم في الوقت المناسب. وعليم بما كان يخفيه اليهود من حسدهم وعدائهم وعنادهم، فقد كانوا يعرفون علامات نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) كما يعرفون أبناءهم بشهادة كتابهم، وكانوا يذكرون هذه العلامات للناس من قبل، إلا أنهم أخفوها جميعا بعد ظهوره، والله عليم بهذا الإخفاء ومحاولة طمس الحق.
وجاء في حديث عن الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام): أن المراد من كرهوا ما أنزل الله بنو أمية الذين كرهوا نزول أمر الله تعالى في ولاية علي (عليه السلام) (2).