تقول الآية الأولى: ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة سورة يكون فيها أمر بالجهاد، يوضح واجبنا تجاه الأعداء القساة الجلادين الذين لا منطق لهم..
سورة تبعث آياتها نور الهداية في قلوبنا، وتضئ أرواحنا بنورها الوهاج، هذا حال المؤمنين.
وأما المنافقون: فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت.
فعند سماع اسم الحرب يصيبهم الهلع، ويضطرب كيانهم أجمع، وتتوقف عقولهم عن التفكير، وتتسمر عيونهم، وينظرون إليك كمن يوشك على الموت، وهذا أبلغ وأروع تعبير عن حال المنافقين الجبناء الخائفين.
إن سبب اختلاف تعامل المؤمنين والمنافقين مع أمر الجهاد، ينبع من أن الفريق الأول قد علقوا آمالهم بالله سبحانه لإيمانهم القوي به، فهم يرجون عنايته ولطفه ونصرته، ولا خوف لديهم من الشهادة في سبيله.
إن ميدان الجهاد بالنسبة إلى هؤلاء ميدان إظهار عشقهم لمحبوبهم، ميدان الشرف والفضيلة، ميدان تفجر الاستعدادت والقابليات، وهو ميدان الثبات والمقاومة والانتصار، ولا معنى للخوف في مثل هذا الميدان.
إلا أنه بالنسبة إلى المنافقين ميدان موت وفناء وتعاسة، ميدان هزيمة ومفارقة لذائذ الدنيا، وهو أخيرا ميدان مظلم يعقبه مستقبل مرعب غامض!
والمراد من " السورة المحكمة " - باعتقاد بعض المفسرين - هي السور التي ذكرت فيها مسألة الجهاد. لكن لا دليل على هذا التفسير، بل الظاهر أن " المحكم " هنا بمعنى المستحكم والثابت والقاطع، والخالي من أي غموض أو إبهام، حيث يقع المتشابه في مقابلة أحيانا، ولما كانت آيات الجهاد تتمتع عادة بحزم استثنائي، فإنها تنسجم مع مفهوم هذه اللفظ أكثر، إلا أنها ليست منحصرة فيه.
والتعبير ب الذين في قلوبهم مرض تعبير يستعمل في لسان القرآن في شأن