والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم (1).
صحيح أن كلا الفريقين يعيشون في الدنيا، ويتنعمون بمواهبها ولذاتها، إلا أن الفرق يكمن في أن هدف المؤمنين هو القيام بالأعمال الصالحة، والأعمال المفيدة البناءة لجلب رضي الله تعالى. أما الكافرون فإن هدفهم ينصب على الأكل والشرب والنوم والتمتع بلذات الحياة.
المؤمنون يتحركون حركة واعية هادفة، والكافرون يحيون بلا هدف، ويموتون بلا هدف، كالأنعام تماما.
المؤمنون يضعون شروطا كثيرة للتمتع بنعم الحياة، فهم يدققون في مشروعية طرق الحصول عليها، كما يدققون كيف ينفقونها، أما الكافرون فإنهم كالدواب لا يهمها أن يكون علفها من أرض صاحبها أو يكون مغصوبا، وسواء كان من حق يتيم أو عجوز بائسة أم لا؟
عندما يتنعم المؤمنون بنعمة، فإنهم يفكرون في واهبها، ويتدبرون في آياته، ويشكرونه عليها، أما الكافر الغافل فلا يفكر في أي شئ لغفلته، وهو يضيف إلى حمله حملا جديدا من الظلم والذنوب باستمرار، ويدني نفسه من الهلاك بعد أن تثقله الأوزار، حاله في ذلك حال الأغنام السمينة، فهي كلما تأكل أكثر، وتسمن أكثر، تكون أقرب إلى الذبح.
وقال البعض: إن الفرق بين المؤمنين والكافرين، أن المؤمن لا يخلو أكله من ثلاث: الورع عند الطلب، واستعمال الأدب، والأكل للسبب. والكافر يطلب للنهمة، ويأكل للشهوة، وعيشه في غفلة.
ومما يستحق الانتباه أن القرآن الكريم يقول في شأن المؤمنين: إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات ويقول في الكافرين والنار مثوى لهم فإن التعبير الأول يدل على احترام المؤمنين وتقديرهم، وإن الله سبحانه يدخلهم