وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم (1).
إن ذكر الإيمان بما نزل على نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد ذكر الإيمان بصورة مطلقة، تأكيد على تعليمات هذا النبي العظيم ومناهجه، وهو من قبيل ذكر الخاص بعد العام، وتبيان لحقيقة أن الإيمان بالله سبحانه لا يتم أبدا بدون الإيمان بما نزل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
ويحتمل أيضا أن تكون الجملة الأولى إشارة إلى الإيمان بالله تعالى، ولها جانب عقائدي، وهذه الجملة إشارة إلى الإيمان بمحتوى الإسلام وتعليمات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولها الجانب العملي.
وبتعبير آخر، فإن الإيمان بالله سبحانه لا يكفي وحده، بل يجب أن يؤمنوا بما نزل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأن يكون لهم إيمان بالقرآن، إيمان بالجهاد، إيمان بالصلاة والصوم، وإيمان بالقيم الأخلاقية التي نزلت عليه. ذلك الإيمان الذي يكون مبدأ للحركة، وتأكيدا على العمل الصالح.
ومما يستحق الانتباه أن الآية تقول بعد ذكر هذه الجملة: وهو الحق من ربهم وهي تعني أن إيمانهم لم يكن تقليدا، أو أنه لم يقم على دليل وحجة، بل إنهم آمنوا بعد أن رأوا الحق فيه.
وعبارة من ربهم تأكيد على حقيقة أن الحق يأتي دائما من قبل الله سبحانه، فهو يصدر منه، ويعود إليه.
والجدير بالالتفات إليه أن الآية تبين ثوابين للمؤمنين الذين يعملون الصالحات، في مقابل العقابين اللذين ذكرا للكفار الصادين عن سبيل الله: أولهما:
التكفير عن السيئات التي لا يخلو منها أي إنسان غير معصوم، والثاني: إصلاح البال.
لقد جاء " البال " بمعان مختلفة، فجاء بمعنى الحال، العمل، القلب، وعلى قول