وسعهما لإنقاذه من دوامة الجهل والغفلة، لئلا يبتلى هذا الابن العزيز بعذاب الله الأليم، إلا أنه يأبى إلا الاستمرار في طريق غيه وكفره، ويصر على ذلك، وأخيرا يتركه أبواه وشأنه بعد اليأس منه.
وكما بينت الآيات السابقة ثواب المؤمنين العاملين للصالحات، فإن هذه الآيات تبين عاقبة أعمال الكافرين الضالين المتجرئين على الله، فتقول: أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين (1)، وأي خسارة أعظم من أنهم خسروا كل رأس مال وجودهم إذا اشتروا به غضب الله عز وجل وسخطه.
ومن خلال المقارنة بين هذين الفريقين - أصحاب النعيم وأصحاب الجحيم - في هذه الآيات نقف على هذه الأمور:
إن أولئك يطوون مدارج رشدهم وكمالهم، في حين أن هؤلاء فقدوا كل ما يملكون، فهم خاسرون.
أولئك يقدرون الجميل ويشكرونه حتى من أبويهم، وهؤلاء منكرون للجميل معتدون لا أدب لهم حتى مع والديهم.
أولئك مع المقربين إلى الله في الجنة، وهؤلاء مع الكافرين في النار، فكل منهم يلتحق بأمثاله ومن على شاكلته.
أولئك يتوبون من الهفوات التي تصدر عنهم، ويذعنون للحق، أما هؤلاء فهم قوم طغاة عتاة متمردون، أنانيون ومتكبرون.
ومما يستحق الالتفات أن هؤلاء المعاندين يستندون في انحرافاتهم إلى وضع الأقوام الماضين وسيحشرون معهم إلى النار أيضا.
أما الآية الأخيرة من هذه الآيات فإنها تشير أولا إلى تفاوت درجات كلا