الأمر لا ينسجم مطلقا مع حكمة الله.
بناء على هذا، فإن مشاهدة وضع هذا العالم وتنظيمه، تلزمنا التصديق بأنه مدخل وممر إلى عالم أعظم أبدي، فلماذا لا تتفكرون في ذلك؟
لقد ذكر القرآن الكريم هذه الحقيقة مرارا في سور المختلفة، فيقول في الآية (16) من سورة الأنبياء: وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين.
ويقول في الآية (62) من سورة الواقعة: ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون.
وعلى أية حال، فإن هنالك غاية وراء خلق هذا العالم، وهناك عالما آخر يتبعه، في حين أن المذاهب الإلحادية والمنكرة للمعاد ترى بأن هذا الخلق عبث لا فائدة من ورائه ولا هدف.
ثم تضيف الآية التي بعدها لتأكيد الكلام: ما خلقناهما إلا بالحق.
إن كون هذا الخلق حقا يوجب أن يكون له هدف عقلائي، وذلك الهدف لا يتحقق إلا بوجود عالم آخر. إضافة إلى أن كونه حقا يقضي بأن لا يتساوى المحسنون والمسيئون، ولما كنا نرى كل واحد من هاتين الفئتين قلما يرى جزاء عمله في هذه الدنيا، فلا بد من وجود عالم آخر يجري فيه الحساب والثواب والعقاب، ليتلقى كل إنسان جزاء عمله، خيرا أم شرا.
وخلاصة القول، فإن الحق في هذه الآية إشارة إلى الهدفية في الخلق، واختبار البشر وقانون التكامل، وكذلك تنفيذ أصول العدالة: ولكن أكثرهم لا يعلمون لأنهم لا يعملون الفكر في التوصل إلى الحقائق، وإلا فإن أدلة المبدأ والمعاد واضحة بينة.
* * *