الأرض مهدا.
إن لفظتي " المهد " و " المهاد " تعني المحل الذي أعد للجلوس والنوم والاستراحة، ويقال في الأصل للمكان الذي يضعون فيه الطفل لينام " مهد ".
أجل.. إن الله سبحانه جعل الأرض مهدا للإنسان، ومع أن لها عدة حركات بفعل قانون الجاذبية، ورغم الطبقة الغازية العظيمة التي أحاطت بها من كل جانب، فإنها هادئة ومستقرة بحيث لا يشعر ساكنوها بأي إزعاج ونعلم أن الهدوء النفسي هو الدعامة الأساسية للاستفادة من النعم الأخرى والتنعم بها، ولا شك أن هذه العوامل المختلفة ما لم تنسجم مع بعضها، ويكمل بعضها بعضا، فليس بالإمكان تحقق هذا الهدوء والاطمئنان مطلقا.
ثم يضيف سبحانه لتبيان النعمة الثانية: وجعل لكم فيها سبلا لعلكم تهتدون.
لقد أشير إلى هذه النعمة عدة مرات في القرآن المجيد (سورة طه - 53، الأنبياء - 31، النحل - 15 وغيرهن)، وهي من النعم التي غفل عنها الكثيرون، لأنا نعلم أن التظاريس تعم كل اليابسة تقريبا، وفيها الجبال العظيمة والصغيرة والتلال والهضاب، والبديع أن توجد بين أعظم سلال جبال العالم فواصل يستطيع الإنسان أن يشق طريقه من خلالها، وقلما اتفق أن تكون هذه الجبال سببا لانفصال أقسام الكرة الأرضية عن بعضها تماما، وهذا واحد من أسرار نظام الخلقة، ومن مواهب الله سبحانه وعطاياه للعباد.
وإضافة إلى ما مر، فإن كثيرا من أجزاء الكرة الأرضية ترتبط مع بعضها بواسطة طرق المواصلات البحرية، وهذا يدخل أيضا في عموم معنى الآية (1).
واتضح مما قلناه أن المراد من جملة لعلكم تهتدون هو الهداية إلى الهدف، واكتشاف مناطق الأرض المختلفة، بالرغم من أن البعض اعتبرها إشارة إلى