واحتمل البعض أن يكون المراد من المقام الكريم مجالس الأنس والطرب، أو المنابر التي كان يرتقيها المداحون والشعراء للثناء على فرعون.
لكن، الظاهر أن المعنى الأول أنسب من الجميع.
ولما كان هؤلاء يمتلكون وسائل رفاه كثيرة غير الأمور الأربعة المهمة التي مر ذكرها، فقد أشار القرآن إليها جميعا في جملة مقتضبة، فقال: ونعمة كانوا فيها فاكهين (1) (2).
ثم يضيف كذلك وأورثناها قوما آخرين (3).
والمراد من قوما آخرين هم بنو إسرائيل، حيث صرح بذلك في الآية (95) من سورة الشعراء. والتعبير بالإرث إشارة إلى أنهم حصلوا على كل هذه الأموال والثروات من دون أن يبذلوا أدنى جهد، أو يتحملوا أقل تعب ومشقة، كما يحصل الإنسان على الإرث دون أن يشقى ويجهد في تحصيله.
والجدير بالانتباه أن الآية المذكورة ونظيرتها في سورة الشعراء توحيان بأن بني إسرائيل قد عادوا إلى مصر بعد غرق الفراعنة وورثوا ميراثهم، وحكموا هناك، وسير الحوادث يقتضي - أيضا - أن لا يدع موسى (عليه السلام) مصر تعيش فراغا سياسيا بعد انهيار دعائم حكومة الفراعنة فيها.
لكن هذا الكلام لا ينافي ما ورد في آيات القرآن الكريم من أن بني إسرائيل قد ساروا إلى الأرض الموعودة، أرض فلسطين، بعد خلاصهم من قبضة الفراعنة، والذي جاء مفصلا في القرآن، فمن الممكن أن تكون جماعة منهم قد أقاموا في